الجمعة، 5 أبريل 2024

الملاحم من عون المعبود

 


بحث مخصص الرئيسية الكتب المؤلفون ar مرحبا بك! قم بالتسجيل الآن للإستفادة من جميع خدمات الموقع الأقسام عرض الكل العقيدة 1874 التفاسير 553 علوم القرآن 1360 متون الحديث 470 الأجزاء الحديثية 900 كتب ابن أبي الدنيا 126 شروح الحديث 364 كتب التخريج والزوائد 356 كتب الألباني 139 روابط هامة رواة الأحاديث القرآن الكريم إرسال كتاب للموقع المؤلفون عرض الكل حمل تطبيق جامع الكتب الإسلامية Ios IPhone/iPad Android All Devices Windows Pc Version حمل الآن التطبيق وتمتع بالمزامنة بين الأجهزة، تنزيل الكتب، إضافة التعليقات، إنشاء مجموعاتك الخاصة، وأكثر من ذلك بكثيرشروح الحديث عون المعبود وحاشية ابن القيم هَذَا هُوَ ظَنِّي فِي هَؤُلَاءِ الْأَكَابِرِ الثَّلَاثَةِ أَنَّهُمْ مِنَ الْمُجَدِّدِينَ عَلَى رَأْسِ الْمِائَةِ الثَّالِثَةِ عَشَرَ وَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ وَعِلْمُهُ أَتَمُّ وَحَدِيثُ أَبِي هُرَيْرَةَ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ وَقَالَ السُّيُوطِيُّ فِي مِرْقَاةِ الصُّعُودِ اتَّفَقَ الْحُفَّاظُ عَلَى تَصْحِيحِهِ مِنْهُمِ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَدْخَلِ وَمِمَّنْ نَصَّ عَلَى صِحَّتِهِ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ الْحَافِظُ بن حَجَرٍ انْتَهَى 

 

 == وَقَالَ الْعَلْقَمِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ قَالَ شَيْخُنَا اتَّفَقَ الْحُفَّاظُ عَلَى أَنَّهُ حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَمِمَّنْ نَصَّ عَلَى صِحَّتِهِ مِنَ المتأخرين أبو الفضل العراقي وبن حَجَرٍ وَمِنَ الْمُتَقَدِّمِينَ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي الْمَدْخَلِ انْتَهَى وَقَالَ الْمُنَاوِيُّ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ أَخْرَجَهُ أَبُو دَاوُدَ فِي الْمَلَاحِمِ وَالْحَاكِمُ فِي الْفِتَنِ وَصَحَّحَهُ وَالْبَيْهَقِيُّ فِي كِتَابِ الْمَعْرِفَةِ كُلُّهُمْ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ الزَّيْنُ الْعِرَاقِيُّ وَغَيْرُهُ سَنَدُهُ صَحِيحٌ انْتَهَى (رَوَاهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْحٍ الْإِسْكَنْدَرَانِيُّ) عَنْ شَرَاحِيلَ بْنِ يَزِيدَ الْمَعَافِرِيِّ (لَمْ يَجُزْ بِهِ شَرَاحِيلَ) أَيْ لَمْ يُجَاوِزْ بِهَذَا الْحَدِيثِ عَلَى شَرَاحِيلَ فَعَبْدُ الرَّحْمَنِ قَدْ أَعْضَلَ هَذَا الْحَدِيثَ وَأَسْقَطَ أَبَا عَلْقَمَةَ وَأَبَا هُرَيْرَةَ وَالْحَدِيثُ الْمُعْضَلُ هُوَ مَا سَقَطَ مِنْ إِسْنَادِهِ اثْنَانِ فَأَكْثَرُ بِشَرْطِ التَّوَالِي 

= قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ شُرَيْحٍ الْإِسْكَنْدَرَانِيُّ ثِقَةٌ اتَّفَقَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ عَلَى الِاحْتِجَاجِ بِحَدِيثِهِ وَقَدْ عَضَّلَهُ انْتَهَى وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْحَدِيثَ مَرْوِيٌّ مِنْ وَجْهَيْنِ مِنْ وَجْهٍ مُتَّصِلٌ وَمِنْ وَجْهٍ مُعْضَلٌ وَأَمَّا قَوْلُ أَبِي عَلْقَمَةَ فِيمَا أَعْلَمُ عَنْ رسول الله فَقَالَ الْمُنْذِرِيُّ الرَّاوِي لَمْ يَجْزِمْ بِرَفْعِهِ انْتَهَى قُلْتُ نَعَمْ لَكِنْ مِثْلُ ذَلِكَ لَا يُقَالُ مِنْ قِبَلِ الرَّأْي إِنَّمَا هُوَ مِنْ شَأْنِ النبوة فتعين كونه مرفوعا إلى النبي وَاللَّهُ أَعْلَمُ  

 

=(بَابِ مَا يُذْكَرُ مِنْ مَلَاحِمِ الرُّومِ)  

=قَالَ فِي مَرَاصِدِ الْإِطْلَاعِ الرُّومُ جِيلٌ مَعْرُوفٌ فِي بِلَادٍ وَاسِعَةٍ تُضَافُ إِلَيْهِمْ فَيُقَالُ بِلَادُ الرُّومِ وَمَشَارِقُ بِلَادِهِمْ وَشَمَالُهُمِ التُّرْكُ وَالرُّوسُ وَالْخَزَرِيُّ (الْخَزَرِيُّ بِالتَّحْرِيكِ وَآخِرُهُ رَاءٌ بِلَادُ التُّرْكِ كَذَا فِي الْمَرَاصِدِ) وَجَنُوبُهُمُ الشَّامُ وَالْإِسْكَنْدَرِيَّةُ وَمَغَارِبُهُمُ الْبَحْرُ وَالْأَنْدَلُسُ وَكَانَتِ الرَّقَّةُ وَالشَّامَاتُ كُلُّهَا تُعَدُّ فِي حُدُودِهِمْ أَيَّامَ الْأَكَاسِرَةِ وَكَانَتْ أَنْطَاكِيَةُ دَارَ مُلْكِهِمْ إِلَى أَنْ نَفَاهُمُ الْمُسْلِمُونَ إِلَى أقصى بلادهم انتهى [٤٢٩٢] مال مكحول وبن أَبِي زَكَرِيَّا إِلَى خَالِدِ بْنِ مَعْدَانَ) أَيْ ذَهَبَا إِلَيْهِ (وَمِلْتُ مَعَهُمْ) الظَّاهِرُ مَعَهُمَا كَمَا في رواية بن مَاجَهْ أَيْ ذَهَبْتُ أَنَا أَيْضًا مَعَهُمَا (فَحَدَّثَنَا) الضَّمِيرُ الْمَرْفُوعُ لِخَالِدٍ (عَنِ الْهُدْنَةِ) بِضَمِّ هَاءٍ وَسُكُونِ دَالٍ مُهْمَلَةٍ الصُّلْحُ (قَالَ) أَيْ خَالِدٌ (إِلَى ذِي مِخْبَرٍ) بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْخَاءِ المعجمة وفتح الموحدة بن أَبِي النَّجَاشِيِّ خَادِمُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَوَى عَنْهُ جُبَيْرُ بْنُ نُفَيْرٍ وَغَيْرُهُ يُعَدُّ فِي الشَّامِيِّينَ ذَكَرَهُ مُؤَلِّفُ الْمِشْكَاةِ وَفِي التَّهْذِيبِ وَيُقَالُ بِالْمِيمِ بَدَلَ الْمُوَحَّدَةِ انْتَهَى قُلْتُ كذلك في بن مَاجَهْ بِالْمِيمِ بَدَلَ الْمُوَحَّدَةِ وَوَقَعَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَوْ قَالَ ذِي مِخْمَرٍ الشَّكُّ مِنْ أَبِي دَاوُدَ يَعْنِي شَكَّ أَبُو دَاوُدَ الْمُؤَلِّفُ فِي أَنَّهُ قَالَ ذِي مِخْبَرٍ بِالْمُوَحَّدَةِ أَوْ قَالَ ذِي مِخْمَرٍ بِالْمِيمِ بَدَلَ الْمُوَحَّدَةِ (فَسَأَلَهُ جُبَيْرٌ عَنِ الْهُدْنَةِ) أَيِ الْهُدْنَةِ الَّتِي تَكُونُ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنَ الرُّومِ كَمَا أَخْبَرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْلِهِ تَكُونُ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ بَنِي الْأَصْفَرِ هُدْنَةٌ فَيَغْدِرُونَ بِكَمْ رواه بن مَاجَهْ فَاللَّامُ فِي الْهُدْنَةِ لِلْعَهْدِ أَوْ بِحَذْفِ الزَّوَائِدِ (آمِنًا) أَيْ ذَا أَمْنٍ فَالصِّيغَةُ لِلنِّسْبَةِ أَوْ جُعِلَ آمِنًا لِلنِّسْبَةِ الْمَجَازِيَّةِ (فَتَغْزُونَ أَنْتُمْ) أَيْ فَتُقَاتِلُونَ أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ (وَهُمْ) أَيْ الرُّومُ الْمُصَالِحُونَ مَعَكُمْ (عَدُوًّا مِنْ وَرَائِكُمْ) أَيْ مِنْ خلفكم وقال السندي في حاشية بن مَاجَهْ أَيْ عَدُوًّا آخَرِينَ بِالْمُشَارَكَةِ وَالِاجْتِمَاعِ بِسَبَبِ الصُّلْحِ الَّذِي بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ أَوْ أَنْتُمْ تَغْزُونَ عَدُوَّكُمْ وَهُمْ يَغْزُونَ عَدُوَّهُمْ بِالِانْفِرَادِ انْتَهَى قُلْتُ الِاحْتِمَالُ الْأَوَّلُ هُوَ الظَّاهِرُ (فَتُنْصَرُونَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (وَتَغْنَمُونَ) بِصِيغَةِ الْمَعْلُومِ أَيِ الْأَمْوَالَ (وَتَسْلَمُونَ) مِنَ السَّلَامَةِ أَيْ تَسْلَمُونَ مِنَ الْقَتْلِ وَالْجَرْحِ فِي الْقِتَالِ (ثُمَّ تَرْجِعُونَ) أَيْ مِنْ عَدُوِّكُمْ (حَتَّى تَنْزِلُوا) أَيْ أَنْتُمْ وَأَهْلُ الرُّومِ (بِمَرْجٍ) بِفَتْحٍ فَسُكُونٍ وَآخِرُهُ جِيمٌ أَيِ الْمَوْضِعُ الَّذِي تَرْعَى فِيهِ الدَّوَابُّ قَالَهُ السِّنْدِيُّ وفي النهاية أرض واسعة ذات نبات كثيرة (ذي تلول) بضم التاء جمع تل بفتحها وهو موضع مرتفع قاله القارىء وَقَالَ السِّنْدِيُّ كُلُّ مَا اجْتَمَعَ عَلَى الْأَرْضِ مِنْ تُرَابٍ أَوْ رَمْلٍ انْتَهَى قُلْتُ هَذَا هُوَ الظَّاهِرُ فِي مَعْنَى التَّلِّ (مِنْ أَهْلِ النصرانية) وهم الأروام حينئذ قاله القارىء (الصَّلِيبُ) بِالنَّصْبِ مَفْعُولُ يَرْفَعُ وَهُوَ خَشَبَةٌ مُرَبَّعَةٌ يَدَّعُونَ أَنَّ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ صُلِبَ عَلَى خَشَبَةٍ كَانَتْ عَلَى تِلْكَ الصُّورَةِ (فَيَقُولُ) أَيِ الرَّجُلُ مِنْهُمْ (غَلَبَ الصَّلِيبُ) أَيْ دِينُ النَّصَارَى قَصْدًا لِإِبْطَالِ الصُّلْحِ أَوْ لِمُجَرَّدِ الِافْتِخَارِ وَإِيقَاعِ الْمُسْلِمِينَ فِي الْغَيْظِ (فَيَدُقُّهُ) أَيْ فَيَكْسِرُ الْمُسْلِمُ الصَّلِيبَ (تَغْدِرُ الرُّومُ) بِكَسْرِ الدَّالِ أَيْ تَنْقُضُ الْعَهْدَ (وَتَجْمَعُ) أَيْ رِجَالَهُمْ وَيَجْتَمِعُونَ (لِلْمَلْحَمَةِ) أَيْ لِلْحَرْبِ [٤٢٩٣] (وَيَثُورُ) الثَّوْرُ الْهَيَجَانُ وَالْوَثْبُ (إِلَى أَسْلِحَتِهِمْ) جَمْعِ سِلَاحٍ أَيْ يَعُدُّونَ وَيَقُومُونَ مُسْرِعِينَ إِلَى أَسْلِحَتِهِمْ (فَيَقْتُلُونَ) وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ فَيَقْتَتِلُونَ أَيْ مَعَهُمْ (تِلْكَ الْعِصَابَةُ) أَيْ جَمَاعَةُ الْمُسْلِمِينَ قَالَ المنذري وأخرجه بن مَاجَهْ وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْجِهَادِ انْتَهَى وَقَالَ القارىء نَقْلًا عَنْ مَيْرَكَ وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي الْمُسْتَدْرَكِ وَقَالَ صَحِيحٌ (بَاب فِي أَمَارَاتِ الْمَلَاحِمِ) جَمْعُ أَمَارَةٍ بِوَزْنِ عَلَامَةٍ وَبِمَعْنَاهُ [٤٢٩٤] (عَنْ مَالِكِ بْنِ يُخَامِرَ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ الْخَاءِ الْمُعْجَمَةِ وَكَسْرِ الْمِيمِ صَاحِبُ مُعَاذٍ مُخَضْرَمٌ وَيُقَالُ لَهُ صُحْبَةٌ (عُمْرَانُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ) بِالتَّخْفِيفِ وَالتَّشْدِيدِ وَعُمْرَانُهُ بِضَمِّ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الْمِيمِ أَيْ عِمَارَتُهُ بِكَثْرَةِ الرِّجَالِ وَالْعَقَارِ وَالْمَالِ (خَرَابُ يَثْرِبَ) بِفَتْحِ تَحْتِيَّةٍ وَسُكُونِ مُثَلَّثَةٍ وَكَسْرِ رَاءٍ اسْمُ الْمَدِينَةِ الْمُشَرَّفَةِ أَيْ سَبَبُ خَرَابِ الْمَدِينَةِ وَقَالَ القارىء أَيْ وَقْتَ خَرَابِ الْمَدِينَةِ قِيلَ لِأَنَّ عُمْرَانَهُ بِاسْتِيلَاءِ الْكُفَّارِ وَقَالَ الْأَرْدَبِيلِيُّ فِي الْأَزْهَارِ قَالَ بَعْضُ الشَّارِحِينَ الْمُرَادُ بِعُمْرَانِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ عُمْرَانُهُ بَعْدَ خَرَابِهِ فَإِنَّهُ يُخَرَّبُ فِي آخِرِ الزَّمَانِ ثُمَّ يُعَمِّرُهُ الْكُفَّارُ وَالْأَصَحُّ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْعُمْرَانِ الْكَمَالُ فِي الْعِمَارَةِ أَيْ عُمْرَانُ بَيْتِ الْمَقْدِسِ كَامِلًا مُجَاوِزًا عَنِ الْحَدِّ وَقْتَ خَرَابِ يَثْرِبَ فَإِنَّ بَيْتَ الْمَقْدِسِ لَا يُخَرَّبُ (وَخَرَابُ يَثْرِبَ خُرُوجُ الْمَلْحَمَةِ) أَيْ ظُهُورُ الْحَرْبِ الْعَظِيمِ قَالَ بن مالك بَيْنَ أَهْلِ الشَّامِ وَالرُّومِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يَكُونُ بين تاتار والشام قال القارىء الْأَظْهَرُ هُوَ الْأَوَّلُ (وَخُرُوجُ الْمَلْحَمَةِ إِلَخْ) قَالَ القارىء نَقْلًا عَنِ الْأَشْرَفِ لَمَّا كَانَ بَيْتُ الْمَقْدِسِ بِاسْتِيلَاءِ الْكُفَّارِ عَلَيْهِ وَكَثْرَةِ عِمَارَتِهِمْ فِيهَا أَمَارَةٌ مُسْتَعْقَبَةٌ بِخَرَابِ يَثْرِبَ وَهُوَ أَمَارَةٌ مُسْتَعْقَبَةٌ بِخُرُوجِ الْمَلْحَمَةِ وَهُوَ أَمَارَةٌ مُسْتَعْقَبَةٌ بِفَتْحِ قُسْطَنْطِينِيَّةَ وَهُوَ أَمَارَةٌ مُسْتَعْقَبَةٌ بِخُرُوجِ الدَّجَّالِ جَعَلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلَّ وَاحِدٍ عَيْنَ مَا بَعْدَهُ وَعَبَّرَ بِهِ عَنْهُ قَالَ وَخُلَاصَتُهُ أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الْأُمُورِ أَمَارَةٌ لِوُقُوعِ مَا بَعْدَهُ وَإِنْ وَقَعَ هُنَاكَ مُهْمَلَةٌ انْتَهَى (ثُمَّ ضَرَبَ) أَيْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (عَلَى فَخِذِ الَّذِي حَدَّثَهُ) هُوَ مُعَاذٌ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (أَوْ مَنْكِبِهِ) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي (ثُمَّ قَالَ) صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (إِنَّ هَذَا) أَيْ مَا ذُكِرَ فِي الْحَدِيثِ مِنْ أَخْبَارِ عُمَرَ أَنَّ بَيْتَ الْمَقْدِسِ سَبَبُ خَرَابِ الْمَدِينَةِ إِلَخْ (لَحَقٌّ) أَيْ يَقِينِيٌّ لَا شَكَّ فِي وُقُوعِهِ وَتَحَقُّقُهُ (كَمَا أَنَّكَ) يا معاذ (ها هنا أَوْ كَمَا أَنَّكَ قَاعِدٌ) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي وَالْمَعْنَى تَحَقُّقُ الْإِخْبَارِ الْمَذْكُورِ فِي الْحَدِيثِ قَطْعِيٌّ يقيني كما أن جلوسك ها هنا قَطْعِيٌّ وَيَقِينِيٌّ (يَعْنِي مُعَاذَ بْنَ جَبَلٍ) يَعْنِي الْخِطَابَ لِمُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثابت بن ثوبان وَكَانَ رَجُلًا صَالِحًا وَثَّقَهُ بَعْضُهُمْ وَتَكَلَّمَ فِيهِ غَيْرُ وَاحِدٍ (بَاب فِي تَوَاتُرِ الْمَلَاحِمِ) [٤٢٩٥] عَنْ يَزِيدَ بْنِ قطيب) بفتح الطاء مصغرا وثقه بن حِبَّانَ (عَنْ أَبِي بَحْرِيَّةَ) بِتَشْدِيدِ التَّحْتَانِيَّةِ اسْمُهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ قَيْسٍ (الْمَلْحَمَةُ الْكُبْرَى) أَيِ الحرب العظيم (فِي سَبْعَةِ أَشْهُرٍ) أَيْ يَكُونُ ذَلِكَ كُلُّهُ فِي سَبْعَةِ أَشْهُرٍ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ التِّرْمِذِيُّ وبن مَاجَهْ وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ غَرِيبٌ لَا نَعْرِفُهُ إِلَّا مِنْ هَذَا الْوَجْهِ هَذَا آخِرُ كَلَامِهِ فِي إِسْنَادِهِ أَبُو بَكْرٍ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ وَهُوَ أَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ أَبِي مَرْيَمَ الْغَسَّانِيُّ الشَّامِيُّ قِيلَ اسْمُهُ بُكَيْرٌ وَقِيلَ اسْمُهُ كُنْيَتُهُ وَقِيلَ بَكْرٌ وَقِيلَ عَبْدُ السَّلَامِ وَلَا يُحْتَجُّ بِحَدِيثِهِ [٤٢٩٦] بَيْنَ الْمَلْحَمَةِ وَفَتْحِ الْمَدِينَةِ) أَيِ الْقُسْطَنْطِينِيَّةَ قَالَهُ السِّنْدِيُّ وَغَيْرُهُ سِتُّ سِنِينَ وَيَخْرُجُ الْمَسِيحُ الدَّجَّالُ فِي السَّابِعَةِ) أَيْ فِي السَّنَةِ السَّابِعَةِ وَهَذَا مُشْكِلٌ مُخَالِفٌ لِلْحَدِيثِ السَّابِقِ قَالَ الْعَلْقَمِيُّ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ تَحْتَ الْحَدِيثِ السَّابِقِ قَالَ شَيْخُنَا وَفِي حَدِيثِ أَحْمَدَ وَأَبِي داود وبن مَاجَهْ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ بَيْنَ الملحمة وفتح المدينة ست سنين قال بن كَثِيرٍ هَذَا مُشْكِلٌ اللَّهُمَّ إِلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَ أَوَّلِ الْمَلْحَمَةِ وَآخِرِهَا سِتُّ سِنِينَ وَيَكُونَ بَيْنَ آخِرِهَا وَفَتْحِ الْمَدِينَةِ وَهِيَ الْقُسْطَنْطِينِيَّةُ مُدَّةٌ قَرِيبَةٌ بِحَيْثُ يَكُونُ ذَلِكَ مَعَ خُرُوجِ الدَّجَّالِ فِي سَبْعَةِ أَشْهُرٍ انْتَهَى (قَالَ أَبُو دَاوُدَ هَذَا) أَيْ هَذَا الْحَدِيثُ يَعْنِي حَدِيثَ بُحَيْرٍ عَنْ خَالِدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بِلَالٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ بُسْرٍ (أَصَحُّ من حديث عيسى) يعني بن يُونُسَ يُرِيدُ الْحَدِيثَ الَّذِي قَبْلَ هَذَا قَالَهُ المنذري قَالَ فِي فَتْحِ الْوَدُودِ هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى جَوَابِ مَا يُقَالُ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ تَنَافٍ فَأَشَارَ إِلَى أَنَّ الثَّانِيَ أَرْجَحُ إِسْنَادًا فَلَا يُعَارِضُهُ الأول انتهى وقال القارىء فَفِيهِ (أَيْ فِي قَوْلِ أَبِي دَاوُدَ هَذَا أَصَحُّ) دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ التَّعَارُضَ ثَابِتٌ وَالْجَمْعَ مُمْتَنِعٌ وَالْأَصَحُّ هُوَ الْمُرَجَّحُ وَحَاصِلُهُ أَنَّ بَيْنَ الْمَلْحَمَةِ الْعُظْمَى وَبَيْنَ خُرُوجِ الدَّجَّالِ سَبْعُ سِنِينَ أَصَحُّ مِنْ سَبْعَةِ أَشْهُرٍ انْتَهَى قَالَ الْمُنْذِرِيُّ في إسناده هَذَا بَقِيَّةُ بْنُ الْوَلِيدِ وَفِيهِ مَقَالٌ وَقَدْ تقدم الكلام عليه وَبُسْرٌ بِضَمِّ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَبَعْدَهَا رَاءٌ مُهْمَلَةٌ وَلِعَبْدِ اللَّهِ هَذَا صُحْبَةٌ وَلِأُخْتِهِ الصَّمَّاءِ صُحْبَةٌ وَلِأَبِيهِمْ بُسْرٍ صُحْبَةٌ وَعَبْدُ اللَّهِ آخِرُ مَنْ تُوُفِّيَ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالشَّامِ انْتَهَى (بَاب فِي تَدَاعِي الْأُمَمِ عَلَى الْإِسْلَامِ) [٤٢٩٧] التَّدَاعِي الِاجْتِمَاعُ وَدُعَاءُ الْبَعْضِ بَعْضًا وَالْمُرَادُ مِنَ الْأُمَمِ فِرَقُ الْكُفْرِ وَالضَّلَالَةِ يُوشِكُ الْأُمَمُ) أَيْ يَقْرَبُ فرق الكفر وأمم الضلالة (أن تداعى عليكم) بِحَذْفِ إِحْدَى التَّائَيْنِ أَيْ تَتَدَاعَى بِأَنْ يَدْعُوَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا لِمُقَاتَلَتِكُمْ وَكَسْرِ شَوْكَتِكُمْ وَسَلْبِ مَا مَلَكْتُمُوهُ مِنَ الدِّيَارِ وَالْأَمْوَالِ (كَمَا تَدَاعَى الْأَكَلَةُ) ضُبِطَ فِي بَعْضِ النُّسَخِ الصَّحِيحَةِ بِفَتْحَتَيْنِ بِوَزْنِ طَلَبَةٍ وَهُوَ جَمْعُ آكِلٍ وَقَالَ فِي الْمَجْمَعِ نَقْلًا عَنِ الْمَفَاتِيحِ شَرْحُ الْمَصَابِيحِ وَيُرْوَى الْأَكَلَةُ بِفَتْحَتَيْنِ أَيْضًا جَمْعُ آكِلٍ انْتَهَى وَقَالَ فِيهِ قُبَيْلَ هَذَا وَرِوَايَةُ أَبِي دَاوُدَ لَنَا الْآكِلَةُ بوزن فاعله وقال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ الْآكِلَةُ بِالْمَدِّ وَهِيَ الرِّوَايَةُ عَلَى نَعْتِ الْفِئَةِ وَالْجَمَاعَةِ أَوْ نَحْوِ ذَلِكَ كَذَا رُوِيَ لَنَا عَنْ كِتَابِ أَبِي دَاوُدَ وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أَفْرَادِهِ ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَلَوْ رَوَى الْأَكَلَةُ بِفَتْحَتَيْنِ عَلَى أَنَّهُ جَمْعُ آكِلٍ اسْمُ فَاعِلٍ لَكَانَ لَهُ وَجْهٌ وَجِيهٌ انْتَهَى قُلْتُ قَدْ رَوَى بِفَتْحَتَيْنِ أَيْضًا كَمَا عَرَفْتَ وَالْمَعْنَى كَمَا يَدْعُو أَكَلَةُ الطَّعَامِ بَعْضُهُمْ بَعْضًا (إِلَى قَصْعَتِهَا) الضَّمِيرُ لِلْأَكَلَةِ أَيِ الَّتِي يَتَنَاوَلُونَ مِنْهَا بِلَا مَانِعَ وَلَا مُنَازِعَ فَيَأْكُلُونَهَا عَفْوًا وَصَفْوًا كَذَلِكَ يَأْخُذُونَ مَا فِي أَيْدِيكُمْ بِلَا تَعَبٍ يَنَالُهُمْ أَوْ ضَرَرٍ يَلْحَقُهُمْ أَوْ بأس يمنعهم قاله القارىء قَالَ فِي الْمَجْمَعِ أَيْ يَقْرَبُ أَنَّ فِرَقَ الْكُفْرِ وَأُمَمَ الضَّلَالَةِ أَنْ تَدَاعَى عَلَيْكُمْ أَيْ يَدْعُو بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلَى الِاجْتِمَاعِ لِقِتَالِكُمْ وَكَسْرِ شَوْكَتِكُمْ لِيَغْلِبُوا عَلَى مَا مَلَكْتُمُوهَا مِنَ الدِّيَارِ كَمَا أَنَّ الْفِئَةَ الْآكِلَةَ يَتَدَاعَى بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلَى قَصْعَتِهِمُ الَّتِي يَتَنَاوَلُونَهَا مِنْ غَيْرِ مَانِعٍ فَيَأْكُلُونَهَا صَفْوًا مِنْ غَيْرِ تَعَبٍ انْتَهَى (وَمِنْ قِلَّةٍ) خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ وَقَوْلُهُ (نَحْنُ يَوْمَئِذٍ) مُبْتَدَأٌ وَخَبَرٌ صِفَةٌ لَهَا أَيْ أَنَّ ذَلِكَ التَّدَاعِيَ لِأَجْلِ قِلَّةٍ نَحْنُ عَلَيْهَا يَوْمَئِذٍ (كَثِيرٌ) أَيْ عَدَدًا وَقَلِيلٌ مَدَدًا (وَلَكِنَّكُمْ غُثَّاءٌ كَغُثَّاءِ السَّيْلِ) بِالضَّمِّ وَالْمَدِّ وَبِالتَّشْدِيدِ أَيْضًا مَا يَحْمِلُهُ السَّيْلُ مِنْ زَبَدٍ وَوَسَخٍ شَبَّهَهُمْ بِهِ لِقِلَّةِ شَجَاعَتِهِمْ وَدَنَاءَةِ قَدْرِهِمْ (وَلَيَنْزَعَنَّ) أَيْ لَيُخْرِجَنَّ (الْمَهَابَةَ) أَيِ الْخَوْفَ وَالرُّعْبَ (وَلَيَقْذِفَنَّ) بِفَتْحِ الْيَاءِ أَيْ وَلَيَرْمِيَنَّ اللَّهُ (الْوَهْنَ) أَيِ الضَّعْفَ وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بِالْوَهْنِ مَا يُوجِبُهُ وَلِذَلِكَ فسره بحب الدنيا وكراهة الموت قاله القارىء (وَمَا الْوَهْنُ) أَيْ مَا يُوجِبُهُ وَمَا سَبَبُهُ قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ سُؤَالٌ عَنْ نَوْعِ الْوَهْنِ أَوْ كَأَنَّهُ أَرَادَ مِنْ أَيِّ وَجْهٍ يَكُونُ ذَلِكَ الْوَهْنُ (قَالَ حُبُّ الدُّنْيَا وَكَرَاهِيَةُ الْمَوْتِ) وَهُمَا مُتَلَازِمَانِ فَكَأَنَّهُمَا شَيْءٌ وَاحِدٌ يَدْعُوهُمْ إِلَى إِعْطَاءِ الدَّنِيَّةِ فِي الدِّينِ مِنَ الْعَدُوِّ الْمُبِينِ وَنَسْأَلُ اللَّهُ الْعَافِيَةَ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ أَبُو عَبْدِ السَّلَامِ هَذَا هُوَ صَالِحُ بْنُ رُسْتُمٍ الهاشمي الدمشقي سئل عنه أبوحاتم فَقَالَ مَجْهُولٌ لَا نَعْرِفُهُ (بَاب فِي الْمَعْقِلِ مِنْ الْمَلَاحِمِ) الْمَعْقِلُ بِفَتْحِ الْمِيمِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْقَافِ وَالْمُرَادُ مِنْهُ الْمَلْجَأُ الَّذِي يَتَحَصَّنُ الْمُسْلِمُونَ وَيَلْتَجِئُونَ إِلَيْهِ [٤٢٩٨] إِنَّ فُسْطَاطَ الْمُسْلِمِينَ) بِضَمِّ الْفَاءِ وَسُكُونِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ وَطَائَيْنِ مُهْمَلَتَيْنِ بَيْنَهُمَا أَلِفٌ أَيْ حِصْنَ الْمُسْلِمِينَ الَّذِي يَتَحَصَّنُونَ بِهِ وَأَصْلُهُ الْخَيْمَةُ (يَوْمَ الْمَلْحَمَةِ) أَيِ الْمَقْتَلَةِ الْعُظْمَى فِي الْفِتَنِ الْآتِيَةِ (بِالْغُوطَةِ) بِضَمِّ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ مَوْضِعٌ بِالشَّامِ كَثِيرُ الْمَاءِ وَالشَّجَرِ كَائِنٌ (إِلَى جَانِبِ مَدِينَةٍ يُقَالُ لَهَا دِمَشْقُ) بِكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْمِيمِ وَسُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِأَنَّ دِمْشَاقَ بْنَ نَمْرُودَ بْنِ كَنْعَانَ هُوَ الَّذِي بَنَاهَا فَسُمِّيَتْ بِاسْمِهِ وَكَانَ آمَنَ بِإِبْرَاهِيمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ وَسَارَ مَعَهُ وَكَانَ أَبُوهُ نَمْرُودُ دَفَعَهُ إِلَيْهِ لِمَا رَأَى لَهُ مِنَ الْآيَاتِ قَالَهُ الْعَزِيزِيُّ (مِنْ خَيْرِ مَدَائِنِ الشَّأْمِ) بِسُكُونِ الْهَمْزِ وَيَجُوزُ تَسْهِيلُهُ كَالرَّأْسِ قَالَ الْمُنَاوِيُّ بَلْ هِيَ خَيْرُهَا وَبَعْضُ الْأَفْضَلِ قَدْ يَكُونُ أَفْضَلَ انْتَهَى قَالَ الْعَلْقَمِيُّ وَهَذَا الْحَدِيثُ يَدُلُّ عَلَى فَضِيلَةِ دِمَشْقَ وَعَلَى فَضِيلَةِ سُكَّانِهَا فِي آخِرِ الزَّمَانِ وَأَنَّهَا حِصْنٌ مِنَ الْفِتَنِ وَمِنْ فَضَائِلِهَا أَنَّهُ دَخَلَتْهَا عَشَرَةُ آلَافِ عَيْنٍ رَأَتِ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كما أفاده بن عَسَاكِرَ وَدَخَلَهُ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَبْلَ النُّبُوَّةِ وَبَعْدَهَا فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ وَفِي لَيْلَةِ الْإِسْرَاءِ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ للعزيزي قال القارىء وَلَهُ طُرُقٌ وَقَدْ رُوِيَ مُرْسَلًا عَنْ جُبَيْرِ بن نفير رسول الله صلى الله عليه وسلم قال وَقَالَ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَقَدْ ذَكَرُوا عِنْدَهُ أَحَادِيثَ مِنْ مَلَاحِمِ الرُّومِ فَقَالَ يَحْيَى لَيْسَ مِنْ حَدِيثِ الشَّامِيِّينَ شَيْءٌ أَصَحَّ مِنْ حَدِيثِ صَدَقَةَ بْنِ خَالِدٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعْقِلُ الْمُسْلِمِينَ أَيَّامِ الْمَلَاحِمِ دِمَشْقُ [٤٢٩٩] (حُدِّثْتُ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ الْمُتَكَلِّمِ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ قَالَ فيه أبو داود حدثت عن بن وَهْبٍ وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ مَجْهُولٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ في الجزء السادس والعشرين (باب في ارْتِفَاعِ الْفِتْنَةِ فِي الْمَلَاحِمِ) حَاصِلُهُ أَنَّ الْفِتْنَةَ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَالْقِتَالَ فِيمَا بَيْنَهُمْ يَرْتَفِعُ إِذَا كَانَ الْقِتَالُ مَعَ الْكُفَّارِ فَالْمُرَادُ بِالْفِتْنَةِ قِتَالُ بَعْضِ الْمُسْلِمِينَ مَعَ بَعْضِهِمْ وَبِالْمَلَاحِمِ قِتَالُ الْمُسْلِمِينَ مَعَ الْكُفَّارِ [٤٣٠١] (عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ) أَيْ أُمَّةِ الْإِجَابَةِ (سَيْفًا) بَدَلٌ مِمَّا قَبْلَهُ (مِنْهَا) أَيْ مِنْ هَذِهِ الْأُمَّةِ فِي قِتَالِ بَعْضِهِمْ لِبَعْضٍ فِي أَيَّامِ الْفِتَنِ وَالْمَلَاحِمِ وَكُلِّ بَاغٍ مِنَ الْبُغَاةِ (وَسَيْفًا مِنْ عَدُوِّهَا) أَيِ الْكُفَّارِ الَّذِينَ يُقَاتِلُونَهُمْ فِي الْجِهَادِ فَمِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وَرَحْمَةِ اللَّهِ تَعَالَى لَهَا أَنْ لَا يَجْتَمِعَ قِتَالُ كُفَّارٍ وَمُسْلِمِينَ فِي وَقْتٍ وَاحِدٍ بَلْ إِمَّا كُفَّارٍ وَإِمَّا مُسْلِمِينَ وَلَوْ كَانُوا فِي وَقْتٍ فِي قِتَالِ مُسْلِمِينَ وَوَقَعَ قِتَالُ كُفَّارٍ رَجَعَ الْمُسْلِمُونَ عَنِ الْقِتَالِ وَاجْتَمَعُوا عَلَى قِتَالِ الْكُفَّارِ لِتَكُونَ كَلِمَةُ اللَّهِ هِيَ الْعُلْيَا قَالَ الْمُنَاوِيُّ يَعْنِي أَنَّ السَّيْفَيْنِ لَا يَجْتَمِعَانِ فَيُؤَدِّي إِلَى اسْتِئْصَالِهِمْ لَكِنْ إِذَا جَعَلُوا بَأْسَهُمْ بَيْنَهُمْ سَلَّطَ اللَّهُ عَلَيْهِمُ الْعَدُوَّ وَكَفَّ بَأْسَهُمْ عَنْ أَنْفُسِهِمْ وَقِيلَ مَعْنَاهُ مُحَارَبَتِهِمْ إِمَّا مَعَهُمْ أَوْ مَعَ الْكُفَّارِ انْتَهَى قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَيَّاشٍ وَفِيهِ مَقَالٌ وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ وَمِنَ الْحُفَّاظِ مَنْ فَرَّقَ بَيْنَ حَدِيثِهِ عَنِ الشَّامِيِّينَ وَحَدِيثِهِ عَنْ غَيْرِهِمْ فَصَحَّحَ حَدِيثَهُ عَنِ الشَّامِيِّينَ وَهَذَا الْحَدِيثُ شَامِيُّ الْإِسْنَادِ (بَاب فِي النَّهْيِ عَنْ تَهْيِيجِ التُّرْكِ والْحَبَشَةِ) التَّهْيِيجُ الْإِثَارَةُ وَالتُّرْكُ بِضَمٍّ فَسُكُونٍ جِيلٌ مِنَ النَّاسِ وَالْجَمْعُ الْأَتْرَاكُ وَالْوَاحِدُ تُرْكِيٌّ كَرُومِيٍّ وَالْحَبَشَةُ بِالتَّحْرِيكِ جِيلٌ مِنَ السُّودَانِ مَعْرُوفٌ وَالْوَاحِدُ حَبَشِيٌّ وَالْحَبَشُ بْنِ كُوشِ بْنِ حَامِ بْنِ نُوحٍ وَهُمْ مُجَاوِرُونَ لِأَهْلِ الْيَمَنِ يَقْطَعُ بَيْنَهُمُ الْبَحْرُ قَالَهُ الْمُنَاوِيُّ [٤٣٠٢] عَنِ السَّيْبَانِيِّ) بِفَتْحِ الْمُهْمَلَةِ وَالْمُوَحَّدَةِ بَيْنَهُمَا تَحْتَانِيَّةٌ وَسَيْبَانُ بَطْنٌ مِنْ حِمْيَرَ أَبُو زُرْعَةَ الْحِمْصِيُّ وَثَّقَهُ أَحْمَدُ وَدُحَيْمٌ كَذَا فِي الْخُلَاصَةِ (عَنْ أَبِي سُكَيْنَةَ) بِسِينٍ وَكَافٍ وَنُونٍ مُصَغَّرًا كَذَا ضَبَطَهُ الْعَلَّامَةُ مُحَمَّدٌ طَاهِرُ فِي الْمُغْنِي (مِنَ الْمُحَرَّرِينَ) أَيِ الْمُعْتَقِينَ (دَعُوا الْحَبَشَةَ) أَيِ اتْرُكُوا التَّعَرُّضَ لِابْتِدَائِهِمْ بِالْقِتَالِ (مَا وَدَعُوكُمْ) بِتَخْفِيفِ الدَّالِ أَيْ مَا تَرَكُوكُمْ قال الطيبي رحمه الله قيل قال مَا يَسْتَعْمِلُونَ الْمَاضِي مِنْ وَدَعَ إِلَّا مَا رُوِيَ فِي بَعْضِ الْأَشْعَارِ بِقَوْلِهِ لَيْتَ شِعْرِي عَنْ خَلِيلِي مَا الَّذِي غَالَهُ فِي الْحُبِّ حَتَّى وَدَعَهْ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الحديث ما وادعكم أَيْ سَالَمُوكُمْ فَسَقَطَتِ الْأَلِفُ مِنْ قَلَمِ بَعْضِ الرُّوَاةِ قَالَ وَلَا افْتِقَارَ إِلَى هَذَا مَعَ وُرُودِهِ فِي التَّنْزِيلِ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى مَا ودعك قُرِئَ بِالتَّخْفِيفِ كَذَا فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلْعَلْقَمِيِّ (وَاتْرُكُوا التُّرْكَ مَا تَرَكُوكُمْ) أَيْ مُدَّةَ تَرْكِهِمْ لَكُمْ فَلَا تَتَعَرَّضُوا لَهُمْ إِلَّا إِنْ تَعَرَّضُوا لَكُمْ قَالَ الْخَطَّابِيُّ إِنَّ الْجَمْعَ بَيْنَ قوله تعالى قاتلوا المشركين كافة وَبَيْنَ هَذَا الْحَدِيثِ أَنَّ الْآيَةَ مُطْلَقَةٌ وَالْحَدِيثُ مُقَيَّدٌ فَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ عَلَى الْمُقَيَّدِ وَيُجْعَلُ الْحَدِيثُ مُخَصِّصًا لِعُمُومِ الْآيَةِ كَمَا خَصَّ ذَلِكَ فِي حَقِّ الْمَجُوسِ فَإِنَّهُمْ كَفَرَةٌ وَمَعَ ذَلِكَ أَخَذَ مِنْهُمُ الْجِزْيَةَ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُنُّوا بِهِمْ سُنَّةَ أَهْلِ الْكِتَابِ قَالَ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ وَيُحْتَمَلُ أَنْ تَكُونَ الْآيَةُ نَاسِخَةً لِلْحَدِيثِ لِضَعْفِ الْإِسْلَامِ وَأَمَّا تَخْصِيصُ الْحَبَشَةِ وَالتُّرْكِ بالترك والودع فلأن بلاد الحبشة وغيره بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ وَبَيْنَهُمْ مَهَامِهٌ وَقِفَارٌ فَلَمْ يُكَلِّفِ الْمُسْلِمِينَ دُخُولَ دِيَارِهِمْ لِكَثْرَةِ التَّعَبِ وَعَظَمَةِ الْمَشَقَّةِ وَأَمَّا التُّرْكُ فَبَأْسُهُمْ شَدِيدٌ وَبِلَادُهُمْ بَارِدَةٌ وَالْعَرَبُ وَهُمْ جُنْدُ الْإِسْلَامِ كَانُوا مِنَ الْبِلَادِ الْحَارَّةِ فَلَمْ يُكَلِّفْهُمْ دُخُولَ الْبِلَادِ فَلِهَذَيْنِ السِّرَّيْنِ خَصَّصَهُمْ وَأَمَّا إِذَا دَخَلُوا بِلَادَ الْمُسْلِمِينَ قَهْرًا وَالْعِيَاذُ بالله فلا يحوز لِأَحَدٍ تَرْكَ الْقِتَالَ لِأَنَّ الْجِهَادَ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَرْضُ عَيْنٍ وَفِي الْأُولَى فَرْضُ كِفَايَةٍ ذكره القارئ وَقَالَ وَقَدْ أَشَارَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى هَذَا الْمَعْنَى حَيْثُ قَالَ مَا تَرَكُوكُمُ انْتَهَى قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ أَتَمَّ مِنْهُ وَأَبُو سُكَيْنَةَ هَذَا رَوَى حَدِيثَهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي عَمْرٍو السَّيْبَانِيُّ وَلَمْ أَجِدْ مَنْ رَوَاهُ غَيْرَهُ وَلَا مَنْ سَمَّاهُ (بَاب فِي قِتَالِ التُّرْكِ) [٤٣٠٣] قَوْمًا بَدَلٌ مِنَ التُّرْكِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ قَوْمٌ بِالرَّفْعِ أَيْ هُمْ قَوْمٌ (وُجُوهُهُمْ كَالْمَجَانِّ) بِفَتْحِ الْمِيمِ وَتَشْدِيدِ النُّونِ جَمْعُ الْمِجَنِّ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَهُوَ التُّرْسُ (الْمُطْرَقَةُ) بِضَمِّ الْمِيمِ وَفَتْحِ الرَّاءِ الْمُخَفَّفَةِ الْمُجَلَّدَةِ طَبَقًا فَوْقَ طَبَقٍ وَقِيلَ هِيَ الَّتِي أُلْبِسَتْ طِرَاقًا أَيْ جِلْدًا يَغْشَاهَا وَقِيلَ هِيَ اسْمُ مَفْعُولٍ مِنَ الْإِطْرَاقِ وَهُوَ جَعْلُ الطِّرَاقِ بِكَسْرِ الطَّاءِ أَيِ الجلد على وجه الترس ذكره القارىء وَقَالَ النَّوَوِيُّ الْمُطْرَقَةُ بِإِسْكَانِ الطَّاءِ وَتَخْفِيفِ الرَّاءِ هَذَا الْفَصِيحُ الْمَشْهُورُ فِي الرِّوَايَةِ وَفِي كُتُبِ اللُّغَةِ وَالْغَرِيبِ وَحُكِيَ فَتْحُ الطَّاءِ وَتَشْدِيدُ الرَّاءِ وَالْمَعْرُوفُ الْأَوَّلُ قَالَ وَمَعْنَاهُ تَشْبِيهُ وُجُوهِ التُّرْكِ فِي عَرْضِهَا وَنُتُوءِ وَجَنَاتِهَا بِالتُّرْسَةِ الْمُطْرَقَةِ انْتَهَى وقال القارىء شَبَّهَ وُجُوهَهُمْ بِالتُّرْسِ لِتَبَسُّطِهَا وَتَدْوِيرِهَا وَبِالْمُطْرَقَةِ لِغِلَظِهَا وَكَثْرَةِ لَحْمِهَا انْتَهَى (يَلْبَسُونَ الشَّعْرَ) زَادَ فِي رِوَايَةِ مُسْلِمٍ وَيَمْشُونَ فِي الشَّعْرِ قَالَ النَّوَوِيُّ مَعْنَاهُ يَنْتَعِلُونَ الشَّعْرَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى نِعَالُهُمُ الشَّعْرُ وَقَدْ وُجِدُوا فِي زَمَانِنَا هَكَذَا انْتَهَى قُلْتُ رِوَايَةُ مُسْلِمٍ بِلَفْظِ يلبسون الشعرويمشون فِي الشَّعْرِ تَدُلُّ دَلَالَةً وَاضِحَةً عَلَى أَنَّهُ يَكُونُ لِبَاسُهُمْ أَيْضًا مِنَ الشَّعْرِ كَمَا أَنَّ نِعَالَهُمْ تَكُونُ مِنَ الشَّعْرِ وَهُوَ الظَّاهِرُ لِمَا فِي بِلَادِهِمْ مِنْ ثَلْجٍ عَظِيمٍ لَا يَكُونُ في غيرها على ما قال بن دِحْيَةَ وَغَيْرُهُ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَأَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ وَالنَّسَائِيُّ [٤٣٠٤] عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رِوَايَةً) أَيْ مَرْفُوعًا (قَالَ بن السَّرْحِ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ) مَقْصُودُ الْمُؤَلِّفِ بَيَانُ مَا وَقَعَ فِي رواية قتيبة وبن السَّرْحِ مِنَ الِاخْتِلَافِ وَهُوَ أَنَّهُ وَقَعَ فِي رِوَايَةِ قُتَيْبَةَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رِوَايَةُ لَا تقوم الساعة إلخ ووقع في رواية بن السَّرْحِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَا تَقُومُ السَّاعَةُ إِلَخْ (نِعَالُهُمُ الشَّعْرُ) بِفَتْحَتَيْنِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي التَّذْكِرَةِ يَصْنَعُونَ مِنْ شَعْرٍ حِبَالًا وَيَصْنَعُونَ مِنَ الْحِبَالِ نِعَالًا كَمَا يَصْنَعُونَ مِنْهَا ثِيَابًا هَذَا ظَاهِرَةٌ أَوْ أَنَّ شُعُورَهُمْ كَثِيفَةٌ طَوِيلَةٌ فَهِيَ إِذَا أَسْدَلُوهَا صَارَتْ كَاللِّبَاسِ لِوُصُولِهَا إِلَى أَرْجُلِهِمْ كَالنِّعَالِ وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ قَالَ السُّيُوطِيُّ بَلْ هُوَ الْمُتَعَيَّنُ فَإِنَّهُمْ بِالْبِلَادِ الْبَارِدَةِ الثَّلْجِيَّةِ لا ينفعهم إلا ذلك وقال القارىء أَيْ مِنْ جُلُودٍ مُشْعَرَةٍ غَيْرِ مَدْبُوغَةٍ (ذُلْفُ الْأُنُوفِ) بِضَمِّ الذَّالِ وَإِسْكَانِ اللَّامِ جَمْعُ أَذْلَفٍ كَأَحْمَرَ وَحُمْرٍ وَمَعْنَاهُ فُطْسُ الْأُنُوفِ قِصَارُهَا مَعَ انْبِطَاحٍ وَقِيلَ هُوَ غِلَظٌ فِي أَرْنَبَةِ الْأَنْفِ وَقِيلَ تَطَامُنٌ فِيهَا وَكُلُّهُ مُتَقَارِبٌ قَالَهُ النَّوَوِيُّ وفي مجمع الذَّلَفُ بِالْحَرَكَةِ قِصَرُ الْأَنْفِ وَانْبِطَاحُهُ وَقِيلَ ارْتِفَاعُ طَرَفِهِ مَعَ صِغَرِ أَرْنَبَتِهِ وَرُوِيَ بِالْمُهْمَلَةِ أَيْضًا انْتَهَى قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ وَهَذِهِ كُلُّهَا مُعْجِزَاتٌ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَدْ وُجِدَ قِتَالُ هَؤُلَاءِ التُّرْكِ بِجَمِيعِ صِفَاتِهِمُ الَّتِي ذَكَرَهَا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَوُجِدُوا بِهَذِهِ الصِّفَاتِ كُلِّهَا فِي زَمَانِنَا وَقَاتَلَهُمُ الْمُسْلِمُونَ مَرَّاتٍ وَقِتَالُهُمُ الْآنَ وَنَسْأَلُ اللَّهَ الْكَرِيمَ إِحْسَانَ الْعَاقِبَةِ لِلْمُسْلِمِينَ انْتَهَى مُخْتَصَرًا قال المنذري وأخرجه البخاري ومسلم والترمذي وبن ماجه [٤٣٠٥] في حديث يقاتلكم) قال القارىء ظَاهِرُهُ أَنْ يَكُونَ بِالْإِضَافَةِ لَكِنَّهُ فِي جَمِيعِ النُّسَخِ بِالتَّنْوِينِ وَفَكِّ الْإِضَافَةِ فَالْوَجْهُ أَنَّ قَوْلَهُ يُقَاتِلُكُمْ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ أَيْ هُوَ يُقَاتِلُكُمْ إِلَخْ وَالْجُمْلَةُ صِفَةُ حَدِيثٍ وَالْمَعْنَى فِي حَدِيثٍ هُوَ أَنَّ ذَلِكَ الْحَدِيثَ يُقَاتِلُكُمْ (يَعْنِي التُّرْكَ) تَفْسِيرٌ مِنَ الرَّاوِي وَهُوَ الصَّحَابِيُّ أَوِ التَّابِعِيُّ (قَالَ) أَيِ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (تَسُوقُونَهُمْ) مِنَ السَّوْقِ أَيْ يَصِيرُونَ مَغْلُوبِينَ مَقْهُورِينَ مُنْهَزِمِينَ بِحَيْثُ أَنَّكُمْ تَسُوقُونَهُمْ (ثَلَاثَ مِرَارٍ) أَيْ مِنَ السَّوْقِ (حَتَّى تُلْحِقُوهُمْ) مِنَ الْإِلْحَاقِ أَيْ تُوَصِّلُوهُمْ آخِرًا (بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ) قِيلَ هِيَ اسْمٌ لِبِلَادِ الْعَرَبِ سُمِّيَتْ بِذَلِكَ لِإِحَاطَةِ الْبِحَارِ وَالْأَنْهَارِ بَحْرِ الْحَبَشَةِ وَبَحْرِ فَارِسٍ وَدِجْلَةَ وَالْفُرَاتِ وَقَالَ مَالِكٌ هِيَ الْحِجَازُ وَالْيَمَامَةُ وَالْيَمَنُ وَمَا لَمْ يَبْلُغْهُ مُلْكُ فَارِسٍ وَالرُّومِ ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ الله وتبعه بن الْمَلَكِ (فَيَنْجُو) أَيْ يَخْلُصُ (مَنْ هَرَبَ مِنْهُمْ) أَيْ مِنَ التُّرْكِ (وَيَهْلِكُ بَعْضٌ) إِمَّا بِنَفْسِهِ أَوْ بِأَخْذِهِ وَإِهْلَاكِهِ وَهُوَ الظَّاهِرُ (فَيُصْطَلَمُونَ) بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ أَيْ يُحْصَدُونَ بِالسَّيْفِ وَيُسْتَأْصَلُونَ مِنَ الصَّلْمِ وَهُوَ الْقَطْعُ الْمُسْتَأْصِلُ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا الْحَدِيثَ يَدُلُّ صَرَاحَةً عَلَى أَنَّ الْمُسْلِمِينَ مِنْ أُمَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُمُ الَّذِينَ يَسُوقُونَ التُّرْكَ ثَلَاثَ مِرَارٍ حَتَّى يُلْحِقُوهُمْ بِجَزِيرَةِ العرب ففي السياق الْأُولَى يَنْجُو مَنْ هَرَبَ مِنَ التُّرْكِ وَفِي الثَّانِيَةِ يَنْجُو بَعْضٌ مِنْهُمْ وَيَهْلِكُ بَعْضٌ وَفِي الثَّالِثَةِ يُسْتَأْصَلُونَ وَأَخْرَجَ هَذَا الْحَدِيثَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ وَسِيَاقُهُ مُخَالِفٌ لِسِيَاقِ أَبِي دَاوُدَ مُخَالَفَةً ظَاهِرَةً فَإِنَّ سِيَاقَ أَحْمَدَ يَدُلُّ صَرَاحَةً عَلَى أَنَّ التُّرْكَ هُمُ الَّذِينَ يَسُوقُونَ الْمُسْلِمِينَ ثَلَاثَ مِرَارٍ حَتَّى يُلْحِقُوهُمْ بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ فَفِي السِّيَاقَةِ الْأُولَى يَنْجُو مَنْ هَرَبَ مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَفِي الثَّانِيَةِ يَنْجُو بَعْضٌ مِنْهُمْ وَيَهْلِكُ بَعْضٌ وَفِي الثَّالِثَةِ يُسْتَأْصَلُونَ كُلُّهُمْ قَالَ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا بَشِيرُ بْنُ مُهَاجِرٍ حَدَّثَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ بُرَيْدَةَ عَنْ أَبِيهِ قَالَ كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَسَمِعْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ إِنَّ أُمَّتِي يَسُوقُهَا قَوْمٌ عِرَاضُ الْأَوْجُهِ صِغَارُ الْأَعْيُنِ كَأَنَّ وُجُوهَهُمُ الْحَجَفُ ثلاث مرار حتى يلحقونهم بِجَزِيرَةِ الْعَرَبِ أَمَّا السَّابِقَةُ الْأُولَى فَيَنْجُو مَنْ هَرَبَ مِنْهُمْ وَأَمَّا الثَّانِيَةُ فَيَهْلِكُ بَعْضٌ وَيَنْجُو بَعْضٌ وَأَمَّا الثَّالِثَةُ فَيُصْطَلُونَ كُلُّهُمْ مَنْ بَقِيَ مِنْهُمْ قَالُوا يَا نَبِيَّ اللَّهِ مَنْ هُمْ قال هم الترك قال وأما الذي نَفْسِي بِيَدِهِ لَيَرْبِطُنَّ خُيُولَهُمْ إِلَى سَوَارِي مَسَاجِدِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ وَكَانَ بُرَيْدَةُ لَا يُفَارِقُهُ بَعِيرَانِ أَوْ ثَلَاثَةٌ وَمَتَاعُ السَّفَرِ وَالْأَسْقِيَةُ بَعْدَ ذَلِكَ للحرب مِمَّا سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْبَلَاءِ مِنْ أُمَرَاءِ التُّرْكِ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ إِسْنَادُهُ صَحِيحٌ فَانْظُرْ إِلَى سِيَاقِ أَحْمَدَ كَيْفَ خَالَفَ سِيَاقَ أَبِي دَاوُدَ مُخَالَفَةً بَيِّنَةً لَا يَظْهَرُ وَجْهُ الْجَمْعِ بَيْنَهُمَا وَبَوَّبَ الْقُرْطُبِيُّ فِي التَّذْكِرَةِ بِلَفْظِ بَابٌ فِي سِيَاقَةِ التُّرْكِ لِلْمُسْلِمِينَ وَسِيَاقَةِ الْمُسْلِمِينَ لَهُمْ ثُمَّ أَوْرَدَ فِيهِ رِوَايَةَ أَحْمَدَ وَرِوَايَةَ أَبِي دَاوُدَ الْمَذْكُورَتَيْنِ وَإِنِّي لَسْتُ أَدْرِي مَا مُرَادُهُ مِنْ تَبْوِيبِهِ بِهَذَا اللَّفْظِ إِنْ أَرَادَ بِهِ الْجَمْعَ بَيْنَ رِوَايَتَيْ أَبِي دَاوُدَ وَأَحْمَدَ بِأَنَّهُمَا مَحْمُولَانِ عَلَى زَمَانَيْنِ مُخْتَلِفَيْنِ فَفِي زَمَانٍ يَكُونُ سِيَاقَةُ التُّرْكِ لِلْمُسْلِمِينَ وَفِي زَمَانٍ آخَرَ يَكُونُ سِيَاقَةُ الْمُسْلِمِينَ لَهُمْ فَهَذَا بَعِيدٌ جِدًّا كَمَا لَا يَخْفَى عَلَى الْمُتَأَمِّلِ وَإِنْ أَرَادَ غَيْرَ هَذَا فَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِمَا أَرَادَ وَعِنْدِي أَنَّ الصَّوَابَ هِيَ رِوَايَةُ أَحْمَدَ وَأَمَّا رِوَايَةُ أَبِي دَاوُدَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ قَدْ وَقَعَ الْوَهْمُ فِيهِ مِنْ بَعْضِ الرُّوَاةِ وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ مِنْ أنه بريدة لا يفارقه بعيران أو ثلاثة ومتاع السَّفَرِ وَالْأَسْقِيَةُ بَعْدَ ذَلِكَ لِلْهَرَبِ مِمَّا سَمِعَ مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْبَلَاءِ مِنْ أُمَرَاءِ التُّرْكِ وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا أَنَّهُ وَقَعَ الشَّكُّ لِبَعْضِ رُوَاةِ أَبِي دَاوُدَ وَلِذَا قَالَ فِي آخِرِ الْحَدِيثِ أَوْ كَمَا قَالَ وَيُؤَيِّدُهُ أَيْضًا أَنَّهُ وَقَعَتِ الْحَوَادِثُ عَلَى نَحْوِ مَا وَرَدَ فِي رِوَايَةِ أَحْمَدَ فَقَدْ قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي التَّذْكِرَةِ وَالْحَدِيثُ الْأَوَّلُ أَيْ حَدِيثُ أَحْمَدَ عَلَى خُرُوجِهِمْ وَقِتَالِهِمُ الْمُسْلِمِينَ وَقَتْلِهِمْ وَقَدْ وَقَعَ عَلَى نَحْوِ مَا أَخْبَرَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَخَرَجَ مِنْهُمْ فِي هَذَا الْوَقْتِ أمم لا يحصيهم إلا الله يَرُدُّهُمْ عَنِ الْمُسْلِمِينَ إِلَّا اللَّهُ حَتَّى كَأَنَّهُمْ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ فَخَرَجَ مِنْهُمْ فِي جُمَادَى الْأُولَى سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَسِتِّ مِائَةِ جَيْشٍ مِنَ التُّرْكِ يُقَالُ لَهُ الطَّطَرُ عَظُمَ فِي قَتْلِهِ الْخَطْبُ وَالْخَطَرُ وَقُضِيَ لَهُ فِي قَتْلِ النُّفُوسِ الْمُؤْمِنَةِ الْوَطَرُ فَقَتَلُوا مَا وَرَاءَ النَّهْرِ وَمَا دُونَهُ مِنْ جَمِيعِ بِلَادِ خُرَاسَانَ وَمَحَوْا رُسُومَ مُلْكِ بَنِي سَاسَانَ وَخَرَّبُوا مَدِينَةَ نُشَاوَرَ وَأَطْلَقُوا فِيهَا النِّيرَانَ وَحَادَ عَنْهُمْ مِنْ أَهْلِ خُوَارَزْمَ كُلُّ إِنْسَانٍ وَلَمْ يَبْقَ مِنْهُمْ إِلَّا مَنِ اخْتَبَأَ فِي الْمَغَارَاتِ وَالْكُهْفَانِ حَتَّى وَصَلُوا إِلَيْهَا وَقَتَلُوا وَسَبَوْا وَخَرَّبُوا الْبُنْيَانَ وَأَطْلَقُوا الْمَاءَ عَلَى الْمَدِينَةِ مِنْ نَهَرِ جَيْحَانَ فَغَرِقَ مِنْهَا مَبَانِي الدار والأركان ثم وصلوا إلى بلاد نهشان فَخَرَّبُوا مَدِينَةَ الرَّيِّ وَقَزْوِينَ وَمَدِينَةِ أَرْدَبِيلَ وَمَدِينَةِ مَرَاغَةَ كرسي بِلَادَ آذَرْبِيجَانَ وَغَيْرَ ذَلِكَ وَاسْتَأْصَلُوا سَاقَهُ مِنْ هَذِهِ الْبِلَادِ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالْأَعْيَانِ وَاسْتَبَاحُوا قَتْلَ النِّسَاءِ وَذَبْحَ الْوِلْدَانِ ثُمَّ وَصَلُوا إِلَى الْعِرَاقِ الثَّانِي وَأَعْظَمُ مُدُنِهِ مَدِينَةُ أَصْبَهَانَ وَدَوْرُ سُورِهَا أَرْبَعُونَ أَلْفَ ذِرَاعٍ فِي غَايَةِ الِارْتِفَاعِ وَالْإِتْقَانِ وَأَهْلُهَا مُشْتَغِلُونَ بِعِلْمِ الْحَدِيثِ فَحَفِظَهُمُ اللَّهُ بِهَذَا الشَّأْنِ وَأَنْزَلَ عَلَيْهِمْ مَوَادَّ التَّأْيِيدِ وَالْإِحْسَانِ فَتَلَقَّوْهُمْ بِصُدُورٍ هِيَ فِي الْحَقِيقَةِ صُدُورُ الشُّجْعَانِ وَحَقَّقُوا الْخَبَرَ بِأَنَّهَا بَلَدُ الْفُرْسَانِ وَاجْتَمَعَ فِيهَا مِائَةُ أَلْفِ إِنْسَانٍ وَأَبْرَزَ الطَّطَرُ الْقَتْلَ فِي مَضَاجِعِهِمْ وَسَاقَهُمُ الْقَدْرُ الْمَحْتُومُ إِلَى مَصَارِعِهِمْ فمرقوا عن أصبهان مروق السهم من الرمى فَفَرُّوا مِنْهُمْ فِرَارَ الشَّيْطَانِ فِي يَوْمِ بَدْرٍ وَلَهُ حُصَاصٌ وَرَأَوْا أَنَّهُمْ إِنْ وَقَفُوا لَمْ يَكُنْ مِنَ الْهَلَاكِ خَلَاصٌ وَوَاصَلُوا السَّيْرَ بِالسَّيْرِ إِلَى أَنْ صَعِدُوا جَبَلَ أَرْبَدَ فَقَتَلُوا جَمِيعَ مَنْ فِيهِ مِنْ صُلَحَاءَ الْمُسْلِمِينَ وَخَرَّبُوا مَا فِيهِ مِنَ الْجَنَّاتِ وَالْبَسَاتِينِ وَكَانَتِ اسْتِطَالَتُهُمْ عَلَى ثُلُثَيْ بِلَادِ الْمَشْرِقِ الْأَعْلَى وَقَتَلُوا مِنَ الْخَلَائِقِ مَا لَا يُحْصَى وَقَتَلُوا فِي الْعِرَاقِ الثَّانِي عِدَّةً يَبْعُدُ أَنْ تُحْصَى وَرَبَطُوا خُيُولَهُمْ إِلَى سَوَارِي الْمَسَاجِدِ وَالْجَوَامِعِ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الْمُنْذِرِ بِخُرُوجِهِمْ إِلَى أَنْ قَالَ وَقَطَعُوا السَّبِيلَ وَأَخَافُوهَا وَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَطَافُوهَا وَمَلَأُوا قُلُوبَ الْمُسْلِمِينَ رُعْبًا وَسَحَبُوا ذَيْلَ الْغَلَبَةِ عَلَى تِلْكَ الْبِلَادِ سَحْبًا وَلَا شَكَّ أَنَّهُمْ هُمُ الْمُنْذَرُ بِهِمْ فِي الْحَدِيثِ وَأَنَّ لَهُمْ ثَلَاثُ خَرْجَاتٍ يُصْطَلَمُونَ فِي الْأَخِيرَةِ مِنْهَا قَالَ الْقُرْطُبِيُّ فَقَدْ كَمُلَتْ بِحَمْدِ اللَّهِ خَرْجَاتُهُمْ وَلَمْ يَبْقَ قَتْلَتُهُمْ وَقِتَالُهُمْ فَخَرَجُوا عَنِ الْعِرَاقِ الثَّانِي وَالْأَوَّلِ كَمَا ذَكَرْنَا وَخَرَجُوا مِنْ هَذَا الْوَقْتِ عَلَى الْعِرَاقِ الثَّالِثِ بَغْدَادَ وَمَا اتَّصَلَ بِهَا مِنَ الْبِلَادِ وَقَتَلُوا جَمِيعَ مَنْ فِيهَا مِنَ الْمُلُوكِ وَالْعُلَمَاءِ وَالْفُضَلَاءِ وَالْعُبَّادِ وَاسْتَبَاحُوا جَمِيعَ مَنْ فِيهَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ وَعَبَرُوا الْفَلَاةَ إِلَى حَلَبٍ وَقَتَلُوا جَمِيعَ مَنْ فِيهَا وَخَرَّبُوا إِلَى أَنْ تَرَكُوهَا خَالِيَةً ثُمَّ أَوْغَلُوا إِلَى أَنْ مَلَكُوا جَمِيعَ الشَّامِ فِي مُدَّةٍ يَسِيرَةٍ من الأيام وفلقوا بسيوفهم الروؤس وَالْهَامَ وَدَخَلَ رُعْبُهُمُ الدِّيَارَ الْمِصْرِيَّةَ وَلَمْ يَبْقَ إِلَّا اللُّحُوقُ بِالدِّيَارِ الْأُخْرَوِيَّةِ فَخَرَجَ إِلَيْهِمْ مِنْ مصر الملك المظفر الملقب بظفر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ بِجَمِيعِ مَنْ مَعَهُ مِنَ الْعَسَاكِرِ وَقَدْ بَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَنَاجِرَ إِلَى أَنِ الْتَقَى بِهِمْ بِعَيْنِ جَالُوتَ فَكَانَ لَهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّصْرِ وَالظَّفَرِ كَمَا كَانَ لِطَالُوتَ فَقُتِلَ مِنْهُمْ جَمْعٌ كَثِيرٌ وَعَدَدٌ غَزِيرٌ وَارْتَحَلُوا عَنِ الشَّامِ مِنْ سَاعَتِهِمْ وَرَجَعَ جَمِيعُهُ كَمَا كَانَ لِلْإِسْلَامِ وَعَدَوُا الْفُرَاتَ مُنْهَزِمِينَ وَرَأَوْا مَا لَمْ يُشَاهِدُوهُ مُنْذُ زَمَانٍ وَلَا حِينٍ وَرَاحُوا خَائِبِينَ وَخَاسِئِينَ مَدْحُورِينَ أَذِلَّاءَ صَاغِرِينَ انْتَهَى كَلَامُ الْقُرْطُبِيِّ بإختصار وقال الإمام بن الْأَثِيرِ فِي الْكَامِلِ حَادِثَةُ التَّتَارِ مِنَ الْحَوَادِثِ الْعُظْمَى وَالْمَصَائِبِ الْكُبْرَى الَّتِي عَقِمَتِ الدُّهُورُ عَنْ مِثْلِهَا عَمَّتِ الْخَلَائِقَ وَخَصَّتِ الْمُسْلِمِينَ فَلَوْ قَالَ قَائِلٌ إِنَّ الْعَالَمَ مُنْذُ خَلَقَهُ اللَّهُ تَعَالَى إِلَى الْآنَ لَمْ يُبْتَلَوْا بِمِثْلِهَا لَكَانَ صَادِقًا فَإِنَّ التَّوَارِيخَ لَمْ تَتَضَمَّنْ مَا يُقَارِبُهَا انْتَهَى وَقَالَ الذَّهَبِيُّ وَكَانَتْ بَلِيَّةٌ لَمْ يُصَبِ الْإِسْلَامُ بِمِثْلِهَا انْتَهَى (أَوْ كَمَا قَالَ) أَيْ قَالَ غَيْرَ هَذَا اللَّفْظِ فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الرَّاوِيَ لَمْ يَضْبِطْ لَفْظَ الْحَدِيثِ وَلِذَا رُجِّحَتْ رِوَايَةُ أَحْمَدَ وَالْحَدِيثُ سَكَتَ عَنْهُ الْمُنْذِرِيُّ (بَاب فِي ذِكْرِ الْبَصْرَةِ) [٤٣٠٦] (سَعِيدُ بْنُ جُمْهَانَ) بِضَمِّ الْجِيمِ الْأَسْلَمِيُّ أَبُو حَفْصٍ الْبَصْرِيِّ وَثَّقَهُ بن معين وأبو داود وبن حِبَّانَ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ شَيْخٌ لَا يُحْتَجُّ بِهِ وَقَالَ النَّسَائِيُّ لَيْسَ بِهِ بَأْسٌ (بِغَائِطٍ) الْغَائِطُ الْمُطَمْئِنُ الْوَاسِعُ مِنَ الْأَرْضِ (يُسَمُّونَهُ الْبَصْرَةَ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ الْبَصْرَةُ بَلْدَةٌ مَعْرُوفَةٌ وَيُكْسَرُ وَيُحَرَّكُ وَيُكْسَرُ الصَّادُ أَوْ هُوَ مُعَرَّبُ بس راه أَيْ كَثِيرُ الطُّرُقِ (عِنْدَ نَهَرِ) بِفَتْحِ الْهَاءِ وَيُسَكَّنُ (دِجْلَةَ) بِكَسْرِ الدَّالِ وَيُفْتَحُ نَهَرُ بَغْدَادَ (جِسْرٌ) أَيْ قَنْطَرَةٌ وَمَعْبَرٌ (يَكْثُرُ أَهْلُهَا) أي أهل البصرة قال القارىء فِي الْمِرْقَاةِ فِي حَاشِيَةِ الشِّفَاءِ لِلْحَلَبِيِّ الْبَصْرَةُ مُثَلَّثُ الْبَاءِ وَالْفَتْحُ أَفْصَحُ بَنَاهَا عُتْبَةُ بْنُ غَزْوَانَ فِي خِلَافِةِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وَلَمْ يُعْبَدِ الصَّنَمُ قَطٌّ عَلَى ظَهْرِهَا وَالنِّسْبَةُ إِلَيْهَا بِالْكَسْرِ وَالْفَتْحِ قَالَ بَعْضٌ وَالْكَسْرُ فِي النِّسْبَةِ أَفْصَحُ مِنَ الْفَتْحِ قَالَ وَلَعَلَّهُ لِمُجَاوَرَةِ كَسْرِ الرَّاءِ (وَتَكُونُ) أَيِ الْبَصْرَةُ (مِنْ أَمْصَارِ الْمُهَاجِرِينَ) هَذَا لَفْظُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى عَنْ عَبْدِ الصَّمَدِ وَرَوَى مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى عَنْ أَبِي مَعْمَرٍ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ وَإِلَيْهِ أَشَارَ أبو داود بقوله قال بن يَحْيَى إِلَخْ قَالَ الْأَشْرَفُ أَرَادَ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلم بهذه المدينة مدينة السَّلَامِ بَغْدَادَ فَإِنَّ الدِّجْلَةَ هِيَ الشَّطُّ وَجِسْرُهَا فِي وَسَطِهَا لَا فِي وَسَطِ الْبَصْرَةِ وَإِنَّمَا عَرَّفَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِبَصْرَةَ لِأَنَّ فِي بَغْدَادَ مَوْضِعًا خَارِجِيًّا مِنْهُ قَرِيبًا مِنْ بَابِهِ يُدْعَى بَابُ الْبَصْرَةِ فَسَمَّى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَغْدَادَ بِاسْمِ بَعْضِهَا أَوْ عَلَى حَذْفِ الْمُضَافِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى وَاسْأَلِ القرية وَبَغْدَادُ مَا كَانَتْ مَبْنِيَّةٌ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى هَذِهِ الْهَيْئَةِ وَلَا كَانَ مِصْرًا مِنَ الْأَمْصَارِ فِي عَهْدِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلِذَا قَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَيَكُونُ مِنْ أَمْصَارِ الْمُسْلِمِينَ بِلَفْظِ الِاسْتِقْبَالِ بَلْ كَانَ فِي عَهْدِهِ قُرًى مُتَفَرِّقَةٌ بَعْدَ مَا خَرَجَتْ مَدَائِنُ كِسْرَى مَنْسُوبَةً إِلَى الْبَصْرَةِ مَحْسُوبَةً مِنْ أَعْمَالِهَا هَذَا وَإنَّ أَحَدًا لَمْ يَسْمَعْ فِي زَمَانِنَا بِدُخُولِ التُّرْكِ الْبَصْرَةَ قَطُّ عَلَى سَبِيلِ الْقِتَالِ وَالْحَرْبِ وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ بَعْضًا مِنْ أُمَّتِي يَنْزِلُونَ عِنْدَ دِجْلَةَ وَيَتَوَطَّنُونَ ثَمَّةَ وَيَصِيرُ ذَلِكَ الْمَوْضِعُ مِصْرًا من أمصار المسلمين وهو بغداد ذكره القارىء (فَإِذَا كَانَ) أَيِ الْأَمْرُ وَالْحَالُ فَاسْمُهُ مُضْمَرٌ (جَاءَ بَنُو قَنْطُورَاءَ) بِفَتْحِ الْقَافِ وَسُكُونِ النُّونِ ممدودا كذا ضبط وقال القارىء مَقْصُورًا وَقَدْ يُمَدُّ أَيْ يَجِيئُونَ لِيُقَاتِلُوا أَهْلَ بَغْدَادَ وَقَالَ بِلَفْظِ جَاءَ دُونَ يَجِيءُ إِيذَانًا بِوُقُوعِهِ فَكَأَنَّهُ قَدْ وَقَعَ وَبَنُو قَنْطُورَاءَ اسْمُ أَبِي التُّرْكِ وَقِيلَ اسْمُ جَارِيَةٍ كَانَتْ لِلْخَلِيلِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ وَلَدَتْ لَهُ أَوْلَادًا جَاءَ مِنْ نَسْلِهِمُ التُّرْكُ وَفِيهِ نَظَرٌ فَإِنَّ التُّرْكَ مَنْ أَوْلَادِ يَافِثَ بْنِ نُوحٍ وَهُوَ قَبْلَ الْخَلِيلِ بِكَثِيرٍ كَذَا ذَكَرَهُ بَعْضُهُمْ وَيُمْكِنُ دَفْعُهُ بِأَنَّ الْجَارِيَةَ كَانَتْ مِنْ أَوْلَادِ يَافِثَ أَوِ الْمُرَادُ بِالْجَارِيَةِ بِنْتٌ مَنْسُوبَةٌ لِلْخَلِيلِ لِكَوْنِهَا مِنْ بَنَاتِ أَوْلَادِهِ وَقَدْ تَزَوَّجَهَا وَاحِدٌ مِنْ أَوْلَادِ يَافِثَ فَأَتَتْ بِأَبِي هَذَا الْجِيلِ فَيَرْتَفِعُ الْإِشْكَالُ انْتَهَى (عِرَاضُ الْوُجُوهِ) بَدَلٌ أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ (عَلَى شَطِّ النَّهَرِ) أَيْ عَلَى جَانِبِ النَّهَرِ قَالَ فِي الْمِصْبَاحِ الشَّطُّ جَانِبُ النَّهَرِ وَجَانِبُ الْوَادِي (ثَلَاثُ فِرَقٍ) بِكَسْرٍ فَفَتْحٍ جَمْعُ فِرْقَةٍ (يَأْخُذُونَ أَذْنَابَ الْبَقَرِ) أَيْ أَنَّ فِرْقَةً يُعْرِضُونَ عَنِ الْمُقَاتَلَةِ هَرَبًا مِنْهَا وَطَلَبًا لِخَلَاصِ أَنْفُسِهِمْ وَمَوَاشِيهِمْ وَيَحْمِلُونَ عَلَى الْبَقَرِ فَيَهِيمُونَ فِي الْبَوَادِي وَيَهْلِكُونَ فِيهَا أَوْ يُعْرِضُونَ عَنِ الْمُقَاتَلَةِ وَيَشْتَغِلُونَ بِالزِّرَاعَةِ وَيَتَّبِعُونَ الْبَقَرَ لِلْحِرَاثَةِ إِلَى الْبِلَادِ الشَّاسِعَةِ فَيَهْلِكُونَ (وَفِرْقَةٌ يَأْخُذُونَ لِأَنْفُسِهِمْ) أَيْ يَطْلُبُونَ أَوْ يَقْبَلُونَ الْأَمَانَ مِنْ بَنِي قَنْطُورَاءَ (فِرْقَةٌ يَجْعَلُونَ ذَرَارِيَّهِمْ) أَيْ أَوْلَادَهُمُ الصِّغَارَ وَالنِّسَاءَ (وَيُقَاتِلُونَهُمْ وَهُمُ الشهداء) أي الكاملون قال القارىء وَهَذَا مِنْ مُعْجِزَاتِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِنَّهُ وَقَعَ كَمَا أَخْبَرَ وَكَانَتْ هَذِهِ الْوَاقِعَةُ فِي صَفَرٍ سَنَةَ سِتٍّ وَخَمْسِينَ وَسِتِّ مِائَةٍ انْتَهَى قَالَ الْمُنْذِرِيُّ فِي إِسْنَادِهِ سَعِيدُ بْنُ جُمْهَانَ وَثَّقَهُ يَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَأَبُو دَاوُدَ السِّجِسْتَانِيُّ وَقَالَ أَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ شَيْخٌ يُكْتَبُ حَدِيثُهُ وَلَا يُحْتَجُّ بِهِ [٤٣٠٧] (الْحَنَّاطُ) بِالْمُهْمَلَةِ وَهُوَ مُوسَى بْنُ أَبِي عِيسَى (يُمَصِّرُونَ أَمْصَارًا) أَيْ يَتَّخِذُونَ بِلَادًا وَالتَّمْصِيرُ اتِّخَاذُ الْمِصْرِ (وَإِنَّ مِصْرًا مِنْهَا) أَيْ مِنَ الْأَمْصَارِ (فَإِنْ أَنْتَ مَرَرْتَ بِهَا أَوْ دَخَلْتَهَا) أَوْ لِلتَّنْوِيعِ لَا لِلشَّكِّ (فَإِيَّاكَ وَسِبَاخَهَا) أَيْ فَاحْذَرْ سِبَاخَهَا وَهُوَ بِكَسْرِ السِّينِ جَمْعُ سَبِخَةٍ بِفَتْحٍ فَكَسْرٍ أَيْ أَرْضٍ ذَاتُ مِلْحٍ وَقَالَ الطِّيبِيُّ هِيَ الْأَرْضُ الَّتِي تَعْلُوهَا الْمُلُوحَةُ وَلَا تَكَادُ تُنْبِتُ إِلَّا بَعْضَ الشَّجَرِ (وَكِلَاءَهَا) كَكِتَابِ مَوْضِعٌ بِالْبَصْرَةِ قَالَهُ فِي فَتْحِ الْوَدُودِ وَقَالَ القارىء بِفَتْحِ الْكَافِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ مَمْدُودًا مَوْضِعٌ بِالْبَصْرَةِ انْتَهَى قَالَ الْحَافِظُ بْنُ الْأَثِيرِ فِي النِّهَايَةِ الْكَلَّاءُ بِالتَّشْدِيدِ وَالْمَدِّ الْمَوْضِعُ الَّذِي تُرْبَطُ فِيهِ السفن وَمِنْهُ سُوقُ الْكَلَّاءِ بِالْبَصْرَةِ انْتَهَى (وَسُوقَهَا) إِمَّا لِحُصُولِ الْغَفْلَةِ فِيهَا أَوْ لِكَثْرَةِ اللَّغْوِ بِهَا أَوْ فَسَادِ الْعُقُودِ وَنَحْوِهَا (وَبَابَ أُمَرَائِهَا) أَيْ لِكَثْرَةِ الظُّلْمِ الْوَاقِعِ بِهَا (وَعَلَيْكَ بِضَوَاحِيهَا) جَمْعُ الضَّاحِيَةِ وَهِيَ النَّاحِيَةُ الْبَارِزَةُ لِلشَّمْسِ وَقِيلَ الْمُرَادُ بِهَا جِبَالُهَا وَهَذَا أَمْرٌ بِالْعُزْلَةِ فَالْمَعْنَى الْزَمْ نَوَاحِيهَا (فَإِنَّهُ يَكُونُ بِهَا) أَيْ بِالْمَوَاضِعِ الْمَذْكُورَةِ (خَسْفٌ) أَيْ ذَهَابٌ فِي الْأَرْضِ وَغَيْبُوبَةٌ فِيهَا (وَقَذْفٌ) أَيْ رِيحٌ شَدِيدَةٌ بَارِدَةٌ أَوْ قَذْفُ الْأَرْضِ الْمَوْتَى بَعْدَ دَفْنِهَا أَوْ رَمْيُ أَهْلِهَا بالحجارة بأن تمطر عليهم قاله القارىء قلت الظاهر المناسب ها هنا هُوَ الْمَعْنَى الْأَخِيرُ كَمَا لَا يَخْفَى (وَرَجْفٌ) أَيْ زَلْزَلَةٌ شَدِيدَةٌ (وَقَوْمٌ) أَيْ فِيهَا قَوْمٌ (يَبِيتُونَ) أَيْ طَيِّبِينَ (يُصْبِحُونَ قِرَدَةً وَخَنَازِيرَ) قَالَ الطِّيبِيُّ الْمُرَادُ بِهِ الْمَسْخُ وَعَبَّرَ عَنْهُ بِمَا هُوَ أَشْنَعُ انْتَهَى وَقِيلَ فِي هَذَا إِشَارَةٌ إِلَى أَنَّ بِهَا قَدَرِيَّةً لِأَنَّ الْخَسْفَ وَالْمَسْخَ إِنَّمَا يَكُونُ فِي هَذِهِ الْأُمَّةِ لِلْمُكَذِّبِينَ بِالْقَدَرِ قَالَ السُّيُوطِيُّ فِي مِرْقَاةِ الصُّعُودِ هَذَا الْحَدِيثُ أورده بن الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ مِنْ غَيْرِ الطَّرِيقِ الَّذِي أَخْرَجَهُ مِنْهَا الْمُصَنِّفُ وَغَفَلَ عَنْ هَذَا الطَّرِيقِ وَقَدْ تَعَقَّبْتُهُ فِيمَا كَتَبْتُهُ عَلَى كِتَابِهِ وَقَالَ الْحَافِظُ صَلَاحُ الدِّينِ الْعَلَائِيُّ هَذَا الْحَدِيثُ ذَكَرَهُ بن الْجَوْزِيِّ فِي الْمَوْضُوعَاتِ مِنْ طَرِيقِ أَبِي يَعْلَى الْمَوْصِلِيِّ أَخْبَرَنَا عَمَّارُ بْنُ زَوْبَى أَخْبَرَنَا النَّضْرُ بْنُ أَنَسٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أنس وتعلق فِيهِ بِعَمَّارِ بْنِ زَوْبَى وَهُوَ مُتَّهَمٌ وَهُوَ كَمَا قَالَ لَكِنَّهُ لَمْ يَتَفَرَّدْ بِهِ عَمَّارٌ بَلْ لَهُ سَنَدٌ آخَرُ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ رِجَالُهُ كُلُّهُمْ رِجَالُ الصَّحِيحِ وَلَيْسَ بِهِ إِلَّا عَدَمُ الْجَزْمِ بِاتِّصَالِهِ لِقَوْلِ عَبْدِ الْعَزِيزِ فِيهِ لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا ذَكَرَهُ عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ وَلَكِنَّ هَذَا يَقْتَضِي غَلَبَةَ الظَّنِّ بِهِ وَذَلِكَ كَافٍ فِي أَمْثَالِهِ انْتَهَى قَالَ الْمُنْذِرِيُّ لَمْ يَجْزِمُ الرَّاوِي بِهِ قَالَ لَا أَعْلَمُهُ إِلَّا ذَكَرَهُ عَنْ مُوسَى بْنِ أَنَسٍ [٤٣٠٨] أَخْبَرَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ صَالِحِ بْنِ دِرْهَمٍ) بِكَسْرِ الدَّالِ الْبَاهِلِيُّ أَبُو مُحَمَّدٍ الْبَصْرِيُّ فِيهِ ضَعْفٌ وَأَبُوهُ صالح بن درهم وثقه بن مَعِينٍ قَالَهُ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ (حَاجِّينَ) أَيْ مُرِيدِينَ الْحَجَّ (فَإِذَا رَجُلٌ) أَيْ وَاقِفٌ وَالْمُرَادُ بِهِ أَبُو هُرَيْرَةَ (إِلَى جَنْبِكُمْ قَرْيَةٌ) بِحَذْفِ الِاسْتِفْهَامِ (يُقَالُ لَهَا الْأُبُلَّةُ) بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَالْبَاءِ وَتَشْدِيدِ اللَّامِ الْبَلَدُ الْمَعْرُوفُ قُرْبَ الْبَصْرَةِ مِنْ جَانِبِهَا الْبَحْرِيِّ كَذَا فِي النِّهَايَةِ وَهِيَ أَحَدُ الْمُنْتَزَهَاتِ الْأَرْبَعِ وَهِيَ أَقْدَمُ مِنَ الْبَصْرَةِ ذَكَرَهُ القارىء (مَنْ يَضْمَنُ) اسْتِفْهَامٌ لِلِالْتِمَاسِ وَالسُّؤَالِ وَالْمَعْنَى مَنْ يَتَقَبَّلُ وَيَتَكَفَّلُ (لِي) أَيْ لِأَجْلِي (أَنْ يُصَلِّيَ لِي) أَيْ بِنِيَّتِي (فِي مَسْجِدِ الْعَشَّارِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَتَشْدِيدِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ مَسْجِدٌ مَشْهُورٌ يُتَبَرَّكُ بِالصَّلَاةِ فِيهِ ذَكَرَهُ مَيْرَكُ (رَكْعَتَيْنِ أَوْ أَرْبَعًا) أَيْ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ أَوْ لِلتَّنْوِيعِ أَوْ بِمَعْنَى بَلْ (وَيَقُولُ) أَيْ عِنْدَ النِّيَّةِ أَوْ بَعْدَ فَرَاغِ الصَّلَاةِ (هَذِهِ) أَيِ الصَّلَاةَ أَوْ ثَوَابَهَا (لِأَبِي هُرَيْرَةَ) فَإِنْ قِيلَ الصَّلَاةُ عِبَادَةٌ بَدَنِيَّةٌ وَلَا تُقْبَلُ النِّيَابَةُ فَمَا مَعْنَى قَوْلِ أَبِي هُرَيْرَةَ قُلْنَا يُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ هَذَا مَذْهَبُ أَبِي هُرَيْرَةَ قَاسَ الصَّلَاةَ عَلَى الْحَجِّ وَإِنْ كَانَ فِي الْحَجِّ شَائِبَةٌ مَالِيَّةٌ وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَاهُ ثَوَابُ هَذِهِ الصَّلَاةِ لِأَبِي هُرَيْرَةَ فَإِنَّ ذَلِكَ جَوَّزَهُ بَعْضُهُمْ كَذَا ذَكَرَهُ الطِّيبِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ قال القارىء وَقَالَ عُلَمَاؤُنَا الْأَصْلُ فِي الْحَجِّ عَنِ الْغَيْرِ أَنَّ الْإِنْسَانَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ ثَوَابَ عَمَلِهِ لِغَيْرِهِ مِنَ الْأَمْوَاتِ وَالْأَحْيَاءِ حَجًّا أَوْ صَلَاةً أَوْ صَوْمًا أَوْ صَدَقَةً أَوْ غَيْرَهَا كَتِلَاوَةِ الْقُرْآنِ وَالْأَذْكَارِ فَإِذَا فَعَلَ شَيْئًا مِنْ هَذَا وَجَعَلَ ثَوَابَهُ لِغَيْرِهِ جَازَ وَيَصِلُ إِلَيْهِ عِنْدَ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ انْتَهَى قُلْتُ قَدْ حُقِّقَ هَذَا الْبَحْثُ فِي مَوْضِعِهِ وَلَيْسَ هَذَا مَوْضِعُهُ (أَبَا الْقَاسِمِ) بَدَلٌ أَوْ عَطْفُ بَيَانٍ (لَا يَقُومُ) أَيْ مِنَ الْقُبُورِ أَوْ فِي الْمَرْتَبَةِ (مَعَ شُهَدَاءِ بَدْرٍ غَيْرُهُمْ) وَلَمْ يُعْرَفْ أَنَّهُمْ مِنْ شُهَدَاءِ هَذِهِ الْأُمَّةِ أَوْ مِنَ الْأُمَمِ السابقة قاله القارىء (هَذَا الْمَسْجِدُ مِمَّا يَلِي النَّهْرَ) أَيْ نَهْرَ الْفُرَاتِ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ إِبْرَاهِيمُ بْنُ صَالِحِ بْنِ دِرْهَمٍ ذَكَرَهُ الْبُخَارِيُّ فِي التَّارِيخِ الْكَبِيرِ وَذَكَرَ لَهُ هَذَا الْحَدِيثَ وَقَالَ لَا يُتَابَعُ عَلَيْهِ وَذَكَرَهُ أَبُو جَعْفَرٍ الْعُقَيْلِيُّ وَقَالَ فِيهِ إِبْرَاهِيمُ هَذَا وَأَبُوهُ لَيْسَا بِمَشْهُورَيْنِ وَالْحَدِيثُ غَيْرُ مَحْفُوظٍ وَذَكَرَ الدَّارَقُطْنِيُّ أَنَّ إِبْرَاهِيمَ هَذَا ضَعِيفٌ ١ - (بَاب ذكر الْحَبَشَةِ) [٤٣٠٩] مُوسَى بْنِ جُبَيْرٍ) هَكَذَا فِي أَكْثَرِ النُّسَخِ وَكَذَا فِي أَطْرَافِ الْمِزِّيِّ وَفِي بَعْضِ الأصول مُحَمَّدِ بْنِ جُبَيْرٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ (اتْرُكُوا الْحَبَشَةَ) بِالتَّحْرِيكِ جِيلٌ مِنِ السُّودَانِ مَعْرُوفٌ (مَا تَرَكُوكُمْ) أَيْ مُدَّةَ دَوَامِ تَرْكِهِمْ لَكُمْ لِمَا يُخَافُ مِنْ شَرِّهِمُ الْمُشَارُ إِلَيْهِ بِقَوْلِهِ (فَإِنَّهُ لَا يَسْتَخْرِجُ كَنْزَ الْكَعْبَةِ) أَيِ الْمَالَ الْمَدْفُونَ فِيهَا (إِلَّا) عَبْدٌ حَبَشِيٌّ لَقَبُهُ (ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ) بِالتَّصْغِيرِ تَثْنِيَةُ سُوَيْقَةٍ أَيْ هُوَ دَقِيقُهُمَا جِدًّا وَالْحَبَشَةُ وَإِنْ كَانَ شَأْنُهُمْ دِقَّةَ السُّوقِ لَكِنْ هَذَا متميز بمزيد من ذلك يعرف بِهِ وَقَالَ النَّوَوِيُّ هُمَا تَصْغِيرُ سَاقَيِ الْإِنْسَانِ لِرِقَّتِهِمَا وَهِيَ صِفَةُ سُوقِ السُّودَانِ غَالِبًا وَلَا يُعَارِضُ هَذَا قَوْلَهُ تَعَالَى حَرَمًا آمِنًا لِأَنَّ مَعْنَاهُ آمِنًا إِلَى قُرْبِ الْقِيَامَةِ وَخَرَابِ الدُّنْيَا وَقِيلَ يُخَصُّ مِنْهُ قِصَّةُ ذِي السُّوَيْقَتَيْنِ قَالَ الْقَاضِي الْقَوْلُ الْأَوَّلُ أَظْهَرُ انْتَهَى وَقَالَ السُّيُوطِيُّ ذَكَرَ الْحَلِيمِيُّ وَغَيْرُهُ أَنَّ ظُهُورَ ذِي السُّوَيْقَتَيْنِ فِي وَقْتِ عِيسَى عَلَى نَبِيِّنَا وَعَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ بَعْدَ هَلَاكِ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ فَيَبْعَثُ عِيسَى إِلَيْهِ طَلِيعَةَ مَا بَيْنَ السَّبْعمِائَةِ إِلَى ثَمَانِ مِائَةٍ فَبَيْنَمَا هُمْ يَسِيرُونَ إِلَيْهِ إِذْ بَعَثَ اللَّهُ رِيحًا يَمَانِيَّةً طَيِّبَةً فَتُقْبَضُ فِيهَا رُوحُ كُلِّ مُؤْمِنٍ انْتَهَى قُلْتُ لَا بُدَّ لِهَذَا مِنْ سَنَدٍ صَحِيحٍ وَإِلَّا فَاللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ بِوَقْتِ خُرُوجِهِ قَالَ الْمُنْذِرِيُّ وَقَدْ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِمَا مِنْ حَدِيثِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنهم قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُخَرِّبُ الْكَعْبَةَ ذُو السُّوَيْقَتَيْنِ مِنَ الْحَبَشَةِ ٢ - (باب أمارت السَّاعَةِ) جَمْعُ أَمَارَةٍ كَعَلَامَةٍ وَزْنًا وَمَعْنًى أَيْ عَلَامَاتِ الْقِيَامَةِ [٤٣١٠] (عَنْ أَبِي زُرْعَةَ) قَالَ الْمُنْذِرِيُّ هو بْنُ عَمْرِو بْنِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ وَاسْمُهُ هَرِمٌ وَيُقَالُ عَمْرٌو وَيُقَالُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَيُقَالُ عُبَيْدُ اللَّهِ وَقَالَ الْحَافِظُ فِي التَّقْرِيبِ أَبُو زُرْعَةَ بْنُ عَمْرِو بْنِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْبَجَلِيُّ الْكُوفِيُّ قِيلَ اسْمُهُ هَرِمٌ وَقِيلَ عَمْرٌو وَقِيلَ عَبْدُ اللَّهِ وَقِيلَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَقِيلَ جَرِيرٌ ثِقَةٌ مِنَ الثَّالِثَةِ (إلى مروان) هو بن الْحَكَمِ بْنِ أَبِي الْعَاصِ بْنِ أُمَيَّةَ أَبُو عَبْدِ الْمَلِكِ الْأُمَوِيُّ الْمَدَنِيُّ وَلِيَ الْخِلَافَةَ فِي آخِرِ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَمَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ في رمضان لا يثبت له صحبة (فسموه) أَيْ مَرْوَانَ (فِي الْآيَاتِ) أَيْ عَلَامَاتِ الْقِيَامَةِ (قَالَ) أَيْ أَبُو زُرْعَةَ (فَحَدَّثْتُهُ) أَيْ ذَكَرْتُ لَهُ مَا حَدَّثَ مَرْوَانُ مِنْ أَوَّلِ الْآيَاتِ الدَّجَّالُ (فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ) بْنُ عَمْرٍو (لَمْ يَقُلْ) أَيْ مَرْوَانُ (شَيْئًا) أَيْ لَمْ يَقُلْ شَيْئًا يُعْتَبَرُ بِهِ وَيُعْتَدُّ وقَالَ فِي فَتْحِ الْوَدُودِ يُرِيدُ أَنَّ مَا قَالَهُ بَاطِلٌ لَا أَصْلَ لَهُ لَكِنْ نَقَلَ الْبَيْهَقِيُّ عَنِ الْحَلِيمِيِّ أَنَّ أَوَّلَ الْآيَاتِ ظُهُورُ الدَّجَّالِ ثُمَّ نُزُولُ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ ثُمَّ خُرُوجُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ ثُمَّ خُرُوجُ الدَّابَّةِ وَطُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا وَذَلِكَ لِأَنَّ الْكُفَّارَ يُسْلِمُونَ فِي زَمَانِ عِيسَى عَلَيْهِ السَّلَامُ حَتَّى تَكُونَ الدَّعْوَةُ وَاحِدَةً فَلَوْ كَانَتِ الشَّمْسُ طَلَعَتْ مِنْ مَغْرِبِهَا قَبْلَ خُرُوجِ الدَّجَّالِ وَنَزَلَ عِيسَى لَمْ يَنْفَعِ الْكُفَّارَ إِيمَانُهُمْ أَيَّامَ عِيسَى وَلَوْ لَمْ يَنْفَعْهُمْ لَمَا صَارَ الدِّينُ وَاحِدًا وَلِذَلِكَ أَوَّلَ بَعْضُهُمْ هَذَا الْحَدِيثَ بِأَنَّ الْآيَاتِ إِمَّا أَمَارَاتٌ دَالَّةٌ عَلَى قُرْبِ الْقِيَامَةِ وَعَلَى وُجُودِهَا وَمِنَ الْأَوَّلِ الدَّجَّالُ وَنَحْوُهُ وَمِنَ الثَّانِي طُلُوعُ الشَّمْسِ وَنَحْوُهُ فَأَوَّلِيَّةُ طُلُوعِ الشَّمْسِ إِنَّمَا هِيَ بِالنِّسْبَةِ إِلَى الْقِسْمِ الثَّانِي انْتَهَى (إِنَّ أَوَّلَ الْآيَاتِ خُرُوجًا أَيْ) ظُهُورًا ضُحًى بِالتَّنْوِينِ أَيْ وَقْتَ ارتفاع النهار قال العلقمي قال بن كَثِيرٍ أَيْ أَوَّلَ الْآيَاتِ الَّتِي لَيْسَتْ مَأْلُوفَةً وإن كان الدجال ونزول عيسى بن مَرْيَمَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَبْلَ ذَلِكَ وَكَذَلِكَ خُرُوجُ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ كُلُّ ذَلِكَ أُمُورٌ مَأْلُوفَةٌ لِأَنَّهُمْ بَشَرٌ مُشَاهَدَتُهُمْ وَأَمْثَالُهُمْ مَأْلُوفَةٌ فَإِنَّ خُرُوجَ الدَّابَّةِ عَلَى شَكْلٍ غَرِيبٍ غَيْرِ مَأْلُوفٍ وَمُخَاطَبَتَهَا النَّاسَ وَوَسْمَهَا إِيَّاهُمْ بِالْإِيمَانِ أَوِ الْكُفْرِ فَأَمْرٌ خَارِجٌ عَنْ مَجَارِي الْعَادَاتِ وَذَلِكَ أَوَّلُ الْآيَاتِ الْأَرْضِيَّةِ كَمَا أَنَّ طُلُوعَ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا عَلَى خِلَافِ عَادَتِهَا الْمَأْلُوفَةِ أَوَّلُ الْآيَاتِ السَّمَاوِيَّةِ انْتَهَى (وقال القرطبي في التذكرة) روى بن الزُّبَيْرِ أَنَّهَا جُمِعَتْ مِنْ كُلِّ حَيَوَانٍ فَرَأْسُهَا رَأْسُ ثَوْرٍ وَعَيْنُهَا عَيْنُ خِنْزِيرٍ وَأُذُنُهَا أُذُنُ فيل وقرنها قرن إبل وَعُنُقُهَا عُنُقُ النَّعَامَةِ وَصَدْرُهَا صَدْرُ أَسَدٍ وَلَوْنُهَا لَوْنُ نَمِرٍ وَخَاصِرَتُهَا خَاصِرَةُ هِرٍّ وَذَنَبُهَا ذَنَبُ كَبْشٍ وَقَوَائِمُهَا قَوَائِمُ بَعِيرٍ بَيْنَ كُلِّ مَفْصِلٍ ومفصل اثني عَشَرَ ذِرَاعًا ذَكَرَهُ الثَّعْلَبِيُّ وَالْمَاوَرْدِيُّ وَغَيْرُهُمَا ذَكَرَهُ الْعَزِيزِيُّ (فَأَيَّتُهُمَا) بِشَدَّةِ الْمُثَنَّاةِ التَّحْتِيَّةِ (فَالْأُخْرَى عَلَى أَثَرِهَا) بِفَتْحَتَيْنِ وَبِكَسْرٍ فَسُكُونٍ أَيْ تَحْصُلُ عَقِبَهَا (قال عبد الله) أي بن عَمْرٍو (وَكَانَ يَقْرَأُ الْكُتُبَ) جُمْلَةٌ حَالِيَّةٌ وَقَائِلُهَا أَبُو زُرْعَةَ أَيْ وَالْحَالُ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عَمْرٍو كَانَ يَقْرَأُ الْكُتُبَ أَيِ التَّوْرَاةَ وَنَحْوَهَا مِنَ الْكُتُبِ السَّمَاوِيَّةِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا قَالَهُ عَبْدُ اللَّهِ يَكُونُ مَكْتُوبًا فِيهَا أَوْ مُسْتَنْبَطًا مِنْهَا (وَأَظُنُّ أَوَّلَهُمَا خُرُوجًا إِلَخْ) مَقُولُهُ قال قال المنذري وأخرجه مسلم وبن ماجه وليس في حديث بن مَاجَهْ قِصَّةُ مَرْوَانَ [٤٣١١] عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ) الْكِنَائِيُّ اللَّيْثِيُّ أَبُو الطُّفَيْلِ وُلِدَ عَامَ أُحُدٍ وَهُوَ آخِرُ مَنْ مَاتَ مِنْ جَمِيعِ الصَّحَابَةِ عَلَى الْإِطْلَاقِ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ (عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ) هُوَ عَامِرُ بْنُ وَاثِلَةَ أَيْ قَالَ مُسَدَّدٌ فِي رِوَايَتِهِ عَنْ عَامِرِ بْنِ وَاثِلَةَ وَقَالَ هَنَّادٌ عَنْ أبي الطفيل (عن حذيفة بن أبي أَسِيدٍ) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ السِّينِ (الْغِفَارِيِّ) بِكَسْرِ الْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ نِسْبَةً إِلَى قَبِيلَةٍ مِنْهُمْ أَبُو ذَرٍّ (فِي ظِلِّ غُرْفَةٍ) بِالضَّمِّ الْعُلِّيَّةُ قَالَهُ فِي الْقَامُوسِ وَفِي الْفَارِسِيَّةِ برواره أَيْ بالإخانة بركناه بام (لرسول الله) صِفَةٌ لِغُرْفَةٍ أَيْ غُرَفةٍ كَائِنَةٍ لِرَسُولِ اللَّهِ وفي رواية لمسلم كان رسول الله فِي غُرْفَةٍ وَنَحْنُ تَحْتَهَا نَتَحَدَّثُ (فَذَكَرْنَا السَّاعَةَ) أَيْ أَمْرَ الْقِيَامَةِ وَاحْتِمَالَ قِيَامِهَا فِي كُلِّ سَاعَةٍ (لَنْ تَكُونَ أَوْ لَنْ تَقُومَ) شَكٌّ مِنَ الرَّاوِي (طُلُوعُ الشَّمْسِ مِنْ مَغْرِبِهَا) قَالَ السُّيُوطِيُّ قَالَ الْكِرْمَانِيُّ فَإِنْ قُلْتَ إِنَّ أَهْلَ الْهَيْئَةِ بَيَّنُوا أَنَّ الْفَلَكِيَّاتِ بَسِيطَةٌ لَا تَخْتَلِفُ مُقْتَضَيَاتُهَا وَلَا يَتَطَرَّقُ إِلَيْهَا خِلَافُ مَا هِيَ عَلَيْهِ قُلْتُ قَوَاعِدُهُمْ مَنْقُوضَةٌ وَمُقَدِّمَاتُهُمْ مَمْنُوعَةٌ وَإِنْ سَلَّمْنَا صِحَّتَهَا فَلَا امْتِنَاعَ فِي انْطِبَاقِ مِنْطَقَةِ الْبُرُوجِ عَلَى مُعَدَّلِ النَّهَارِ بِحَيْثُ يَصِيرُ الْمَشْرِقُ مَغْرِبًا وَعَكْسُهُ انْتَهَى وَرَوَى الْبُخَارِيُّ فِي تَارِيخِهِ وَأَبُو الشَّيْخِ فِي الْعَظَمَةِ عَنْ كَعْبٍ قَالَ إِذَا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُطْلِعَ الشَّمْسَ مِنْ مَغْرِبِهَا أَدَارَهَا بِالْقُطْبِ فَجَعَلَ مَشْرِقَهَا مَغْرِبَهَا وَمَغْرِبَهَا مَشْرِقَهَا قُلْتُ إِنَّا نُشَاهِدُ كُلَّ يَوْمٍ الْفَلَكَ دَائِرًا بِقُدْرَتِهِ تَعَالَى مِنَ الْمَشْرِقِ لِلْمَغْرِبِ فَإِذَا قَالَ لَهُ كُنْ مُقَهْقِرًا دَوَرَانَكَ مِنَ الْمَغْرِبِ لِلْمَشْرِقِ كَمَا قَالَ ذَلِكَ بِعَكْسِهِ فَكَانَ فَأَيُّ مَانِعٍ يَمْنَعُهُ عِنْدَ كُلِّ مُؤْمِنٍ وَقَدْ قَالَ إِنَّمَا أَمْرُهُ إِذَا أَرَادَ شَيْئًا أَنْ يَقُولَ له كن فيكون فَسُبْحَانَ اللَّهِ تَعَالَى عَمَّا يَقُولُ الظَّالِمُونَ عُلُوًّا كَبِيرًا انْتَهَى قُلْتُ مَا ذَكَرَ الْكِرْمَانِيُّ مِنْ عَدَمِ الِامْتِنَاعِ فِي انْطِبَاقِ مِنْطَقَةُ الْبُرُوجِ عَلَى الْمُعَدَّلِ بِحَيْثُ يَصِيرُ الْمَشْرِقُ مَغْرِبًا وَعَكْسُهُ فَفِيهِ نَظَرٌ قَدْ بَيَّنَهُ الْعَلَّامَةُ الْأَلُوسِيُّ فِي تَفْسِيرِهِ رُوحُ الْمَعَانِي تَحْتَ آيَةِ يَوْمَ يَأْتِي بَعْضُ آيات ربك لا ينفع نفسا إيمانها الْآيَةَ وَخُرُوجُ الدَّابَّةِ وَهِيَ الْمَذْكُورَةُ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى وَإِذَا وَقَعَ الْقَوْلُ عَلَيْهِمْ أَخْرَجْنَا لَهُمْ دابة من الأرض تكلمهم الْآيَةَ قَالَ الْمُفَسِّرُونَ هِيَ دَابَّةٌ عَظِيمَةٌ تَخْرُجُ من صدع في الصفا وعن بن عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّهَا الْجَسَّاسَةُ الْمَذْكُورَةُ فِي حديث الدجال قاله النووي (وعيسى بن مريم الصفحة ذهاب 285 / 343

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أسماء الله الحسني